مفتاح العماري
الشاعر : مشرق الغانم |
من رسومات مشرق الغانم |
" كيف لي أن أغفو
ثلاثين عاما "
الليلة البارحة تذكرت صديقي الشاعر العراقي
مشرق الغانم . انقضى قرابة ربع قرن على هجرته إلى الدنمارك ، والتي خطط لها بتكتم
شديد ، ومثابرة شرسة .
وصلتني منه بعد هجرته بوقت قصير بطاقات بريدية
، ضمنها وبسخرية مرحة شيئا من تفاصيل حياته الجديدة في غربته .
ثم تقطعت السبل .
التقينا مصادفة خلال أيامه الأولى بطرابلس ، عندما
كان يبحث عن مأوى آمن له ولأسرته الصغيرة . وطيلة السنوات الثلاث التي جمعتنا بدا شهما
ومكابدا في صمت ، كما لو أنه يخطط لحياة أخرى .
كان في
اللحظات التي يشي فيها ببعض مخاوفه قلقا على مستقبل طفله الوحيد " وجد "
.
وحتى إن
باح ببعض أسراره ، لكنه لا يفضي بها إلا كإشارات لمّاحة ، وماكرة بذكاء حاذق ،
عليك أن تعمل حدسك لكي تفكك شفراتها .
في طرابلس
عمل مخرجا صحفيا في أكثر من مطبوعة ليبية .
كان رساما ، وشاعرا عنيدا يعامل نصوصه بكثير من
القسوة والتقشف . متهيبا يمرر قصائده دونما اهتمام ، كما لو أن وطأة الخيبة جعلته لا يعوّل كثيرا على
القصيدة . ليبدو كمن يتنصل من جريرة خياله
.
مرات يروق له أن يقرأ بعض شذراته في جلسات خاصة ، بتواضع كبير دونما
ادّعاء .
قلت الليلة البارحة تذكرته .
لست أدري
كيف طافت صورته في ذهني . وضعت أسمه على محرك بحث الغوغل . ولكم كانت الفاجعة
كالصعقة عندما علمت بأنه ، ومنذ عامين قد
رحل ، رحل مرة أخرى ، لائذا بهجرته الأخيرة إلى عالم الأبدية .
___ قصائد قصيرة للشاعر
: مشرق الغانم
" كيف لي أن أغفو ثلاثين عاما *
وأصحو على
وقع قامتك
وأراك
مثلي
جالسا في
حانة نائية وتسألني عنّي ... "
**
"
أيها الجمال
اتكئ قليلاًً
إلى الخلف
كي أسدّد إليك
ضربتي "
**
" ماذا
أصنع بهذه الخيبة
تأكلني
...
وينهشني
الظلام لصق المقبرة "
__
عمّان 12 نوفمبر 2016
من قصائد للشاعر مشرق
الغانم . عن موقع " جهة الشعر "
http://www.jehat.com/ar/Antolojya/AlshearAljadeed/iraq/Pages/alganem.aspx