مفتاح العمّاري
نثر الأعمى
أيها الناظر خلفي :
أعطني القليل من فضة الصبح,
لكي أقتفي الكلمة الذهبية التي من
قصب يتقوس في مهب الخيال,
وأسمع النوارس المرصعة برنيم الزبد.
لأن طائر المطر
غادر سربة وتزوج الغيمة السخية..
التي صارت نهرا صغيرا..
لا
أم له..
يحمل إليها الهدايا,
ويحدّثها عن ضراوة الريح
وحيل الصيادين .
**
كان وحيدا ينتظر.
والغربان زوبعة سماء
قال :
عودي إلى خرائبك أيتها الصاخبة ،
قبل أن تنقرك النسور الغاضبة.
بينما المطر يختبىء في قبعة
مقلوبة تسبح في فضاء كالح ..
كأنها عشّ يسافر .
**
رقص الطائرُ
ثم نثر ريشة الملون فوق العالم
بهيئة حكايات بيضاء وخضراء وزرقاء..
فاكتست اليابسة بالأنهار والغابات والمدن.
وبعد ذلك غنّى أغنيته الأثيرة,
التي يرددها الأطفال
كلما رأوا قبعة تحلق:
" يا مَطَرْ يَا بَشْبَاشَة
طَيْحِي حَوش البَاشَا "
**
أيها الناظر خلفي.
أعطني أمّي وأنا أ قول لك:
كم كلمة تُحلق في سماء الحبر..
وأصف بعشرين خيال
رحلة عطرها
وكيف كانت تشرق الكواكبُ من
حليب أيامها ،
حين كنا نُضْرَب بعصا واحدة ،
ويجمعنا ما يرثه البكاء،
وتتركه فاقةُ الريح من غبار .
أعطني
قليلا أكيدا
من هدوء أقبّل حرارة أُذنيه ،
وأفشي إليه :
بسرّ تعرّش بين قمر ونصف باب ،
وامرأة تغربل طحين شهوتها
فنامت كجرح ينمو.
**
أيها الناظر خلفي..
أعطني
شقفة مرآة
لأريك ما يخبئه الأعمى
بين أعطاف ظلمته
وما تنسجه الأرملةُ من حيلٍ لسفك الأهواء..
وكيف تندس جمرة في كف من قش لا يحترق.
حيث كل يد فاسقة تراود أختها.
¨
طرابلس 1 يونيو 2002
*من قصائد المجموعة الشعرية :
السلطانة .