وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الاثنين، 14 ديسمبر 2015

خورخي لويس بورخيس

مفتاح العمّاري


الدنوّ من المعتصم

     لا ريب أن القرب من أدب ( بورخيس ) ليس براءً من شبهة الضلالة نفسها التي اقترفها هذا الناسك عبر تسكعه داخل أقاليم مكتبة عملاقة . لعلّ الإغواء ذاته ، هو سلطان نشوة القراءة – هنا وهناك -  فكما هو معلوم لدى قراء هذا الكاتب المؤسس ، أنه قد اتّبع نظاما فريدا من التناص ، لا يقف عند حدود إعادة إنتاج المقروء من خلال إعادة خلقه ، أو تأويله ، إنّما هو يكتشف فراغا داخل فراغ ، يحتاج دائما – كما يبدو – إلى إضافة أسماء وأفعال وكائنات مجهولة ، لكي يُوهب تلك الفضيلة التي تتعلق بالنمو . كما لو أن بورخيس ، قد أدرك بفطرته : أن النصوص التي كتبها الأوائل ، لا ينبغي تركها مركونة لعتاقتها ، مكتفية بالمديح وحده . بل أن كرامة الأدب تقتضي أن نجعل تلك المتون نابضة أبداً بالحياة ، لا محض إيقونات .
    قراءة مقترحات معلم السرد : بورخيس ، لا تستنفد . فمن جهة أن تناصاته بقدر ما تعيد إنتاج نفسها ، فهي من جهة أخرى خاضعة لتعدد التأويل ، فضلا عن انفتاحها على الفنتازيا ، والتهكّم المضمر .

    بورخيس الساحر الذي أسهم في تجديد أدب أميركا اللاتينية ، يحتفظ دائما بتلك المأثرة التي تعيد الكرامة للكتاب . ففي ( الدنو من المعتصم ) ، كما في ( الألف )  وغيرها من السرديات تأخذ الحكاية وجهة أخرى ، حُمّلت بحساسية أكثر شاعرية وتلطّفا . لهذا تظل آثار بورخيس دائما مشروع اكتشاف وتأمّل ، ورفقة لا تُملّ  . أنصح القراء الذين لم يتعرفوا بعد على بورخيس ، الدنوّ من هذا المعتصم .