وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الاثنين، 14 ديسمبر 2015

مرايا علي مصطفى المصراتي

مفتاح العمّاري

هدرازي
     بصدد الحديث حول الكاتب الكبير العلامة علي مصطفى المصراتي ،  أشير أولا إلى تلك المهابة الخاصة به ، والتي تقتضي دائما أن تكون حاضرة كلما مَثُلَ المصراتي ، مهابة إجلال لموقعه السامق والرصين الذي يحتل مكانة مرموقة ومؤثرة وفاعلة  في ذاكرة الوجدان الليبي ، كأديب كبير ، وفي ذاكرة الثقافة الوطنية كمؤرخ  رائد وباحث  وسياسي ومناضل  .
ينتمي الأستاذ العلامة علي مصطفى المصراتي ، إلى جيل المعلمين ، جيل الأوائل الذين أسسوا للكتابة  من الصفر ، جيل الدرجة الأولى في سلّم المعرفة ، ونحن كأجيال لاحقة نقدّر رحلتهم .
     أشير ثانيا إلى ضرورة إنصافه التي تأتي هذه الكلمة بمثابة تحية له ، واعتراف بدوره التأسيسي في تأثيث الهوية والوجدان . وهنا اسمحوا لي أن أحصر حديثي بصدد إسهامي المتواضع  في  معالجة بعض مقترحاته السردية في القصة القصيرة  وتنضيدها دراميا ، وأعني تحديدا : الجزء الأول من سلسلة هدرازي  التي عرضها التلفزيون الليبي ضمن أجندة برامجه الرمضانية منذ عدّة سنوات ، إذ تجسدت مشاركتي من خلال  كتابة السيناريو والحوار . وأذكّر هنا بأن المهمة لم تكن يسيرة إزاء نتاج أديب كبير يتسم بالغزارة والتنوع والثراء ، كما أن الخيار في انتقاء القصص ، كان شراكة بيني وبين أسرة العمل ، تبعا لمقتضيات فنية وإنتاجية . كذلك تجدر الإشارة إلى أن الرؤية الفنية قد اشتملت على توليفة  ضمت ثلاثة مستويات بين الشكل  القصصي والسيناريو الورقي ، ثم السيناريو التنفيذي .. أي أنها توزعت بين مؤلف القصص وكاتب السيناريو ،  ومخرج العمل ، بحيث تعددت  زاويا النظر وتنوّعت  . قد تطغى أحيانا رؤية القاص ، وفي أحيان أخرى تتقدّم رؤية المخرج أو كاتب السيناريو . 
  كذلك  ثمة مقتضيات أخرى كثيرة قد أملت شروطها ، أهمها وأكثرها قساوة يكمن في تواضع الإمكانيات الإنتاجية والتقنية ، ناهيك عن ضيق الوقت وصعوبة  تجهيزات التصوير .
     استأنست في الكتابة إلى معالجة النصوص القصصية المختارة دراميا ضمن نسق إعادة التأويل ، فانطلاقا من مرجعية النص الأصلي كخلفية نسيجية تتألف خيوطها من وقائع وإحداث ، إلى مفارقة التجاور بين الحفاظ على عنصر الحدث مع تأثيثه دلاليا ، ضمن نسق التأويل الدرامي الذي ارتأينا ضرورة جدواه كمتطلب بصري ، يرتكز على العلامات الدلالية التي توفرها القصة وفي نفس الوقت  يزكّي احترامه واعترافه بالنص الأصلي ، من خلال محاولة إنمائه وأيقاظ مناطقه الصامتة ، أو المسكوت عنها ، ليتناغم مع الأصل ويثريه ، وفي الوقت ذاته ، يتخذ منه قماشة قابلة لإعادة السرد بصريا والتفصيل حواريا .  استأنسنا للنسق ذاته في عديد القصص القصيرة  ، مثل : الوفد  / ولد حليمة /  الورقة البيضاء  .... وغيرها من النصوص المقترحة .
ويكفينا فخرا ، أن العمل وقتذاك  ، قد حاز  على أعجاب المشاهدين واندرج من بين الأعمال القليلة التي حاولت أن تحتفظ بقدر من الرصانة والمصداقية في احترام ذائقة المتلقي بشتى مستوياته . ولا يفوتني هنا ، الإشادة بطاقم العمل من ممثلين وفنيين، مع الاعتراف بفضل مخرج هذه السلسلة ،  الفنان :  عبد السلام حسين الذي أضاف إلى العمل الكثير من خبرته ورؤيته الإخراجية ، و يظل الفضل أولا وأخيرا للأستاذ الكبير على مصطفى المصراتي الذي أتاحت لنا أعماله أن نُطلّ من خلالها على أنفسنا ، ونرى وجوهنا عن كثب في مرايا عديدة .