وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

السبت، 26 ديسمبر 2015

محمد الفقيه صالح

مفتاح العمّاري


الشاعر النبيل

        في حياة القصيدة الليبية ثمة تجارب فذة ، وقامات سامقة تقتضي الحقيقة إنصافها والاعتراف بدورها المؤثر في نسيجنا الوجداني  ، لأنه يتعذر عليك أن تدعي توصيف  حراك الشعر المعاصر في ليبيا من دون أن تتوقف كثيرا إزاء المدونة الشعرية للشاعر ( محمد الفقيه صالح ) .. الذي برز كشاعر يربّي مخيلة تائقة منذ  النصف الثاني من عشرية السبعينيات، عبر الملاحق الثقافية المعروفة آنذاك ، وبصورة خاصة صحيفة الأسبوع الثقافي التي استطاعت خلال فترة زمنية قصيرة أن تفرض حضورها كمنبر إعلامي  شديد التميز ، حيث كان لها  الفضل في تقديم العديد من الشعراء الشباب ، من أبرزهم طموحا وعمقا ورصانة وتطلعا الشاعر الفذ محمد الفقيه صالح .
    فنص الفقيه ، وعبر مسيرة شعرية سلخت قرابة ثلاثين سنة ،  يستدرجك دائما إلى مناطق بالغة الجمال ، ويضعك من ثم إزاء تجربة لا تملك إلا أن تستسلم لأسرها وتحترم مسيرتها الحافلة بالمكابدة والحلم والعطاء .. ذلك لأنه شاعر كبير ومؤثر في حركة المشهد الشعري الليبي ، وأينما يذهب يحظى باحترام ومهابة ، ناهيك عن حضوره الأكثر تميزا في المحافل الشعرية الخارجية التي تقام عربيا وعالميا، سيما وأن مكانته الشعرية السامقة لا يختلف عليها اثنان ، فله شغف خاص بالحياة الثقافية ، التي يسهم في تأثيثها إبداعيا ونظريا ، وأيضا له محددات ومفاهيم جمالية في التعامل مع الكلمات ، إذ يقف دائما على أرض صلبة معبرا عن قيم رصينة ومواقف مشرفة ، وينشغل بالكتابة كهم حقيقي يعبر عن التحقق والإضافة ، مما يؤكد بأنه  شاعر خالص-  متنا وسلوكا - ، لهذا ليس من المستغرب أن يكون مُقِلّا في نتاجه ، كذلك ليس من المستغرب في أن يكرس انشغالا معرفيا بإنماء  مشروعه الشعريّ بهدوء رصين  ودربة مقتدرة .. من دون أن يغفل في  الوقت ذاته عن قراءة  ورصد و متابعة مجريات الحراك الثقافي ، وتقفّي ما يُستجد من مطبوعات ومنشورات ، مع اهتمام بالغ  بقراءة  صحافتنا المحلية، ولا سيما لحظة أن تستوقفه قراءة مقال أو نص أبداعي لا يتوانى عن الاتصال هاتفيا بكاتبه وإبداء وجهة نظره .   معجبا ومناقشا باحتفاء الشاعر المنشغل دائما بهموم الثقافة والإبداع ، فما أحوجنا في هذه الأيام  لمثل هذا السلوك الخليق بالمحبة والإكبار ، لكي نكون دائما أكثر قربا من أنفسنا وإخلاصا لوجداننا .
<>