وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الأحد، 27 ديسمبر 2015

فرانكشتاين في بغداد

مفتاح العمّاري

  


" عنف العالم " *
    
   
    حين تمّ الإعلان عن الرواية الفائزة بجازة بوكر العربية 2014 ، كنت على مشارف متن ( عنف العالم ) ، كتاب صغير الحجم تضمّن نصين ، لجان بودريار ، وادغار موران . وهما عبارة عن محاضرتين ، كانتا قبل ذلك قد اندرجتا من بين مقترحات النشاط الثقافي لبرنامج الخميس بمعهد العالم العربي / باريس .   
    في سياق تقديمه لهذا الكتيب ، وداخل  إطار توصيف عولمة العنف ، أشار الكاتب : إبراهيم محمود : كيف أن العالم يتوحّد لأول مرة عبر العنف . وأنه تجاوز مخيلة سينما هوليود ، إلى الحدّ الذي أمسى فيه ( فرانكشتاين ) كفيلم خيالي ، محض خردة .  من هنا جاءت هذه المفارقة ، أو ( الصدفة الموضوعية ) حسب تسمية السورياليين ، التي جعلت من رواية : أحمد سعداوي ( فرانكشتاين في بغداد )  الفائزة ببوكر العربية ، تلعب على توظيف هذه الشخصية الخرافية في تجسيد رعب عالمها .
     لهذه المحرضات وغيرها استجبت وبكثير من الشغف لقراءة رواية سعداوي ، والتي كما لاحظت كانت تلعب على أعادت إنتاج صياغة العنف بطبعة عربية ، عراقية ، ومن موقع أدب السرد باقتدار وتميّز .  وهي بذلك قد عبّرت عن صعود رصين ومدهش ، ليس للرواية العراقية وحسب ، بل لعلها من جوانب فنية كثيرة تضاهي أهم مقترحات السرد العالمية  في اللحظة الراهنة .   فهذه الرواية ، سواء من حيث خصائصها الأسلوبية ، ومقدرتها المتمكنة في التحايل على تعددية التأويل ، فضلا عن الحمولة الشعرية التي تخللت نسيجها من دون المساس بقوانين السرد وآلياته ، هذا إضافة إلى حبكتها الدرامية المتقنة ، وبذا تعد وبامتياز : رواية ممتعة ، لامست الكثير من الأسئلة التي تتعلق تحديدا بمشاعية العنف التي يشهدها العالم الآن ، وبصورة خاصة في عالمنا العربي ، ولا سيما بعد تفشي وتسويق أو تصدير  ظواهر التطرف الديني ، أو ما يندرج تحت مسميات الإرهاب العالمي . فالرواية ، ومن موقعها السردي  بقدر ما تكتنز به من مجازات اشارية قصد تفكيك واقعها وتأويله ، ظلت في الوقت نفسه وفيّة ، وبذكاء لحقلها الروائي ،  وهبها درجة عالية من التمكن في تجسيد عالمها ، مما جعلها وباستحقاق جديرة بهذا التكريم الذي حازته وهذا الاحتفاء .
____

*كتبت قد اردجت هذا الانطباع ضمن صفحتي الشخصية بموقع ( رفّي ) للقراءة تحت وسم :عبدالسلام alammary19