مفتاح العمّاري
" عنف العالم " *
حين تمّ الإعلان عن الرواية الفائزة بجازة
بوكر العربية 2014 ، كنت على مشارف متن ( عنف العالم ) ، كتاب صغير الحجم تضمّن
نصين ، لجان بودريار ، وادغار موران . وهما عبارة عن محاضرتين ، كانتا قبل ذلك قد
اندرجتا من بين مقترحات النشاط الثقافي لبرنامج الخميس بمعهد العالم العربي / باريس
.
في
سياق تقديمه لهذا الكتيب ، وداخل إطار
توصيف عولمة العنف ، أشار الكاتب : إبراهيم محمود : كيف أن العالم يتوحّد لأول مرة
عبر العنف . وأنه تجاوز مخيلة سينما هوليود ، إلى الحدّ الذي أمسى فيه (
فرانكشتاين ) كفيلم خيالي ، محض خردة . من
هنا جاءت هذه المفارقة ، أو ( الصدفة الموضوعية ) حسب تسمية السورياليين ، التي
جعلت من رواية : أحمد سعداوي ( فرانكشتاين في بغداد ) الفائزة ببوكر العربية ، تلعب على توظيف هذه الشخصية
الخرافية في تجسيد رعب عالمها .
لهذه المحرضات وغيرها استجبت وبكثير من
الشغف لقراءة رواية سعداوي ، والتي كما لاحظت كانت تلعب على أعادت إنتاج صياغة العنف
بطبعة عربية ، عراقية ، ومن موقع أدب السرد باقتدار وتميّز . وهي بذلك قد عبّرت عن صعود رصين ومدهش ، ليس
للرواية العراقية وحسب ، بل لعلها من جوانب فنية كثيرة تضاهي أهم مقترحات السرد
العالمية في اللحظة الراهنة . فهذه الرواية ، سواء من حيث خصائصها الأسلوبية
، ومقدرتها المتمكنة في التحايل على تعددية التأويل ، فضلا عن الحمولة الشعرية
التي تخللت نسيجها من دون المساس بقوانين السرد وآلياته ، هذا إضافة إلى حبكتها
الدرامية المتقنة ، وبذا تعد وبامتياز : رواية ممتعة ، لامست الكثير من الأسئلة
التي تتعلق تحديدا بمشاعية العنف التي يشهدها العالم الآن ، وبصورة خاصة في عالمنا
العربي ، ولا سيما بعد تفشي وتسويق أو تصدير ظواهر التطرف الديني ، أو ما يندرج تحت مسميات الإرهاب
العالمي . فالرواية ، ومن موقعها السردي
بقدر ما تكتنز به من مجازات اشارية قصد تفكيك واقعها وتأويله ، ظلت في
الوقت نفسه وفيّة ، وبذكاء لحقلها الروائي ، وهبها درجة عالية من التمكن في تجسيد عالمها ،
مما جعلها وباستحقاق جديرة بهذا التكريم الذي حازته وهذا الاحتفاء .
____
*كتبت
قد اردجت هذا الانطباع ضمن صفحتي الشخصية بموقع ( رفّي ) للقراءة تحت وسم
:عبدالسلام alammary19.