وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

السبت، 17 أكتوبر 2015

حماقات العابر


مفتاح العمّأري

أحبّ ارتكاب الحماقات حين يغدو التعقّل عبئا


     أحب الوطن والشعر والنساء  ../ أحب المشي على طريق الشط ورؤية البواخر الراسية والأطفال وهم يلعبون تحت السماء الخجولة . أحب  التسكع  في أزقة اطرابلس القديمة. لكنما قد أتوسد العواصف ،  وأنام في المهب . أحب العبث بالنجوم ونواقل الصوت الصاخبة  والقصائد التي لا تصلح للإلقاء في القاعات الوقورة ، أحب أشباهي  الحمقى وهم يتساقطون الواحد تلو الآخر في شباك النثر غير ملتفتين لنصائح النحاة وخبب المهذارين .. أجل أحب ارتكاب الحماقات حين يغدو التعقّل عبئا على الحقيقة  . أحب أن أخسر أصدقائي الحميمين وحبيباتي الأثيرات إذا كانت الحقيقة  تقتضي حكمة الكذب .  أحب التنصل من عواطفي لحظة أن يوضع الشعر والنباح في سلة واحدة .. وأيضا أحب ركوب القطارات البعيدة فيما حبيبتي تغفو على صدري . أحب النحاس وخلخلة القوانين عندما يغدو الشك يقينا  للضرورة .. لكي أبصر جيدا ترهات السادة وهم يتمخطون على أحلامنا البريئة . أحب  التمعن فوق العادة كلما لاحت لي فكرة غامضة تطفر من شقوق الحقائق البائسة .. أحب شتم الكلمات العاجزة عن استضافة الرؤى وركلها على مؤخراتها .. أحب روايات  إبراهيم الكوني ، وأغوتا كريستوف ،  وكلّ شيء لا يذكرني بشيخوخة العالم .. وانتظر الضرورة التي تقتضي التبول على نجوم فنادق ( كازا بلانكا ) التي حرمني حملة الحقائب من قرص أثدائها النافرة  . أحب الهواء المعطر بأنفاس أطفالي وعرق حقائبهم المدرسية  وضحكاتهم الطرية وهم ينطون بمرح على رؤوس الأعوام ، محتفلين بتفوقهم على مدارس الوهم ،  أحبهم   وأحب بلادي الصغيرة .. وأريدها تلك الأميرة الناعسة في مقهى ساحة جامع الفناء  .. أريد الكثير ،  والكثير من التسكع و العواصم  والموسيقى والمطر .. وأنا أنظر إلى قساوة الزمن الخؤون  وهو يعبر تاركا تجاعيد وجهي  على المرايا .. وأنتظر من يحييني : صباح الخير يا عمّي مفتاح  .. صباح الخير أيها الشاعر الكهل المتخفي بعلانية خلف قبعته الجديدة .. أنتظر المطارات الصقيلة  وهي ترنو بتوله إلى حذائي ..  وأتساءل ما الذي تخفيه أقدامي يا ترى  حتى تتعثر بلادي  ولا تراني   .
________  

طرابلس خريف 2005