وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

مراسم انتظار *


مفتاح العمّاري


_____  مقاطع من قصيدة : مراسم انتظار



§       وأنا أنتظرك
نمت في صناديق الناقلات العسكرية  /
 والرمل شراشف غافية ،
 أسفل العجاج ،
واضعا يدي على ذقن الخيبة ،
 نمت في مزابل الشوارع
كأجمل صدقة تغنمها حشراتُ الليل ،
و في المهبّ حيث لا أثر للنوافذ
والموسيقى والأصدقاء 
ومخدات العطر ،
 لا أثر لشيء يكون ضيفا ..

نمت وحدي ..
كوطن مهجور ،
كعابر مفتون
 بحكّ ذاكرته   .

§       وأنا أنتظرك
جمعتُ كلمات نظرة
ترفرفُ في سماء الليل ..
وأشعلتُ ناراً
 تراها عن بعد
عينُ الخائف
كلمات من ماء وطين
وأرنب يعزف .

§       وأنا أنتظرك
كانت الأحلامُ أكثر قساوة 
وهي تُروى في الصباح المالح
 وأنا أغسل وجهي بماء لم يمس ..
كنت أتبدّد
في أوعية باردة
خائفا من لمعان الألم 
فيما أنت تقطفين الصور الطازجة
 من رؤوس معانيها
ليغدو الليل حماراً صغيراً
يحملُ الأطفالَ
بعيدا عن صخبِ ألعابهم  .

§       وأنا أنتظرك
      كانت الكلمةُ التي أودُّ إيقاظها
لا تنام في حكاية وحيدة ..
إنها تعتذر
لأن خيال العالم
 لم يغادر بعدُ ضفةَ اللغة .
والبلاد التي أحب رائحتها
  سلطانة حدس /
لهذا تحتاج إلى مزيد من بلاغة الصمت
ونظرة واحدة
لكي تسبر روحَ العالم ..
وتناوش مهابةَ السرّ .

§       لكن قبل أن أفكر في الانتظار
     أعني قبل أن تُخْلَق المرأةُ تلك
 في قريةٍ نائيةٍ عن طرابلس 
حيث لم يوجد بعدُ
فرنٌ ، وبائعُ خضروات
ومحالٌ للصحف والعطور  ..
كنّا نملأ جيوبنا بالحصى
حتى لا نتوه بعيدا
عن أمهاتنا .
لم تكن هناك مقاعد مرحة
و فناجين إضافية
ورسائل كتبت بحبر معطّر
أو وردة مجفّفة بين طيات الكتب ..
لم يكن هناك  عناوين وأرقام  غامضة  ..
كنتُ مثل مراهق خجول
 أجلس قبالتك
 مصيخا لحكاياتك الأثيرة
عن جدك الأعمى وأخيك المهاجر  ..

كنتُ مطروحاً في الطريق
 مثل معاني الجاحظ  ..
مغبونا مثل التوحيدي ..
مهملا من جنة العائلة ..
____ 
الرملة خريف 1999

*من قصائد المجموعة الشعرية ( نثر المستيقظ ) .