وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الاثنين، 10 أغسطس 2015

ضحك


مفتاح العمّاري


ضحك







   هل يمكن أن يكون الضحك مضادا حيويا و سلاحا مجديا ، في معركة مباغتة ، يقود هجومها الشرس ضد قلاعك الغافلة  عدو خبيث ، على درجة عالية من المكر والحنكة والدهاء ، وقد شن عليك حربا عشواء لا هوادة فيها ؟ هل يمكن أيضا أن يكون الشعر أداة  صالحة للمقاومة والدفاع ، بعد أن أمست قواتك التي تعول عليها في معركتك الدفاعية محض أشلاء ممزقة يتعذر جمع شتات كتائبها التي تصرمت فصائلها بين جهات التيه بلا عدّة أو عتاد . وهل من الحكمة في شيء  إزاء هكذا معركة تفتقر إلى الحد الأدنى من نزاهة القتال أن تستسلم صاغرا وضعيفا وذليلا ، متشبثا فقط بلغة البكاء والشكاة ، معلنا عن هوانك وبؤسك وقلة حيلتك ، متخاذلا بخيبة ويأس وإحباط في معركة مصيرك ، حيث لا مطاف إذا ما تواطأت مع خوفك  سوى الموت ، متخليا بمشيئة العاجز عن إيمانك الراسخ بحياتك الجميلة التي طالما هتفت بصوت لامع لا تعوزه ثقة التفاؤل بأنها هبة الله ، و ينبغي أن تعاش  . فهل يليق بك الآن  وأنت العاشق الذي طالما كرس قصائده لمديح المتع ، أن تتقهقر في أولى معارك حربك الطويلة  . هل يمكن أن تتوقف المواجهة عند هذا الحدّ المخزي ، والموقف المهين إزاء عدو استيطاني يستعمر جهات جسدك ويحتل أعزّ ما تملك من ثروات سامية لا يعوزها بهاء الوجد والبهجة والسفر  والتحقق  .
   هل يمكن أن تنتهي أولى معاركك عند هذا الحد . أليس من الحكمة الآن أن تستنفر كل ما تذخر من تجارب وخبرات .لكي تواجه عدوك ببسالة العاشق الذي سيفترض دعما لوجستيا قادرا على المزيد من الصمود والمواجهة . قادرا على إطالة عمر المعركة ومعرفة نقاط ضعف  الخصم . حيث سيعد الضحك أمام ضراوة الألم أخطر سلاح يمكن استخدامه لفتح ثغرة بين صفوف القوات الغازية .. الضحك مع قليل من الشعر والموسيقى ، وتكريس كل ما يقدمه أعوانك الخلص من أسلحة السخرية والتهكم من هكذا عدو شرس تكمن أولى نقاط ضعفه في عدم قدرته على تحمل المزيد من الشعر والفرح والموسيقى . صحيح ، قد يعد من السهل التحدث عن الألم ، لكن أن يعاش ، ويتخلل مسامك ، فاتكا بخلاياك في كل جزء من الثانية ، هذا يعني انك إزاء حرب حقيقية تترجم خرابها خارج الكلام . لهذا كان لا بد من ابتكار أسلحة أكثر خطورة وفتكا من أسلحة  الدمار الشامل . فقط أن تستنفر كل كائناتك القادرة على صناعة الضحك ، مدعوما بمنجنيقات الشعر ،  وقنابل الموسيقى . أن ترفع رايات الحب خفاقة في سماء الوجد ، حيث يكفي بضع كلمات تبثها رسالة عاشقة أن تضخ فيك المزيد من الأكسجين والطاقة الخارقة على دحر جميع الأورام الخبيثة . 

¨