وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الجمعة، 14 أغسطس 2015

ساعي بريد نيرودا


مفتاح العمّاري


               
  ساعي بريد نيرودا





    




       هنا فضاء بأسره ينفتح على الشعر ، لكأن الشعر هو الطاقة الخفية لهكذا عالم متخيل ، الى الحد الذي يذهب فيه السؤال  - على لسان : ساعي البريد ، في احدى تجااذباته ، مع بابلو نيرودا – ما اذا كانت كل موجودات هذا الكون محض مجازات . أو هي بالأحرى ، استعارات لشيء ما ، السؤال الذي حيّر الشاعر ,
 إن ( انطونيو سكارميتا) ،  في باكورته الروائية ( ساعي بريد نيرودا ) ، لن يدعك تلتقط أنفاسك . رواية جامحة ومتقدة وقلقة ، تنهمر أحيانا بسذاجة ، وأخرى بشهوانية عارمة ، فقط لأن الشعر أراد لهذا الجزء الآدمي من الحيوان أن يكون حالما بعنف .
    في بساطة فادحة زجّ ( سكارميتا ) بكل شيء في هذا الحيز الحي ، والذي يدين بنبضه للقصيدة وحدها : الحب ، والسياسة ، والعنف ، والخراب ، والحياة ، والموت : خلطات عجيبة تُطبخ بشعرية بارعة ، ومسرودات لها ما لها من سحر اللغة وتحليق مخيلتها ، إلى حدّ يتعذر معه الفصل بين الشعر والواقع  .

    لن أمجّد مشيئة الصدف التي ربطت قدر ساعي البريد ، الفتى البائس والكسول والحالم ، بشاعر تشيلي العظيم ( بابلو نيرودا )  ، وبالمثل سلطان الحب الذي جمعه بالجميلة  بياثريت   .. كما لن أسهب في إعادة أيما سرد لوقائع وأحداث تتعلق بتاريخ تشيلي السياسي  في مطلع عشرية السبعينات من القرن الماضي ، وتلك المؤامرة التي أطاحت بسلفادور ألنيدي، لأن كل هذه الثيمات  - بما فيها لغات النوم والجسد والطبيعة – ما هي إلا ظلال رحيمة للكلمة الشاعرة التي بثها الشاعر في روح العالم . فقط أردت هنا  - كما هي عادتي دائما مع الكتب الأثيرة – توثيق لحظة قراءتي لهذه الرواية الآسرة .