وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

السبت، 15 أغسطس 2015

يوميات ظل (1)



مفتاح العمّاري




باب بن غشير *





       لا تترك حلمك ينمو في الظل ، لأن الحياة َفي (باب بِنْ غشّير ) شمسٌ صغيرةٌ ، في قصيدة أو نافذة أو لعبة طفل ،  لذا لا تتألم علانية إمام الفراغ ، أو تقف طويلا في المطر  قبالة الريح . 



      في ( باب بن غشير ) سواء كانت شرفتك مشرعة ، أو مغلقة على الدوام ، سواء ظلت  ثيابك تجفف بحرارة الود ،أو تنشر على حبال العتمة ، سواء كنت أكثر تصالحا أو أقلّ ، حين تستيقظ على ضوضاء زبائن مطعم البيض المقلي، حيث لن تجسر على فتح نوافذك صباحا لتجديد الهواء ،  محتفظا بأنفاس الليل ،إلى ما بعد الظهر ، خشية أن تغزو شقتك رائحة الزيت المحروق .. سواء كنت تفهم أو  لا تفهم ، حين تهبط إلى الشارع ، لأي أمر تقرأ العيون بفضول خارطةَ وجهك ، فقط ستجلب خبزا من أقرب فرن ، وأربع علب زبادي نسيم ، وعلبة تن تايواني ، وقنينة ماء سعة 7 لتر ، ستجد كل شيء قريبا ومتاحا في ( باب بن غشير  ) : الأفران ، والمساجد  ، ومراكز الشرطة والمطافئ ، والعيادات العامة والخاصة ، وباعة الخضر ، والقصابين، والمطاعم ، والمقاهي ، والحلاقين ، والصيدليات ، ومختبرات التحاليل الطبية ، ومحال البقالة ، والسجائر ،والهواتف ، وأقراص الموسيقى ،  والمواد المنزلية ، والكهربائية، وقطع غيار السيارات  ، والألعاب ،والملابس ، والأحذية ، والزينة،  والخردوات ، والحلويات ،  والسفنز ، ومقاهي النت ،ومكاتب محرري العقود،  والخدمات العامة ، ومعارض السيارت ، وصالات الأعراس ، ومحطات البنزين ، ومقار الشركات ، وورش الميكانيكا ، وباعة الورد . في( باب بن غشير ) ، ستصادف المتسكعين ، ومشجعي كرة القدم ، والبنات المحجّبات ، والمتسولين ، والضوضاء ،والسيارات المسرعة ، وشرطة المرور ،  والشمس ، والريح ، والمطر ،  و الحدائق الكالحة ، والخط ولوّح ، والنفايات .. كل شي يخطر في بالك ستجده في ( باب بن غشير ) ..إلاّ باعة الصحف ، فهم لا محلّ لهم من إعراب الشوارع ،التي لن تعبأ بمرورك الخجول، وأنت تبحث عن جريدة أو كتاب ، أو قصيدة تائهة ،  حيث يتعين عليك أن تستنفر ذاكرة جيوبك  مفتّشا عن نصف دينار إضافي، أجرة ( الايفكو  ) ، بعد أن قررت أخيرا أن تجلب جريدتك من مكتبة شارع الوادي ، كذلك  لن يفهم الرصيف هنا  أيما نثر ، سوى ما تغدقه على ثيابك عجلات العربات المسرعة من نثر غدران المطر ، أو برك المجاري .. ولن تعبأ بك أشارات المرور ، سواء كنت منتبها أو شاردا ، يقظا أو غافلا ،  طفلا أو شيخا، وسوف تجد صعوبة أكثر على قطع الشارع إذا كنت عليلا  . في ( باب بن غشير ) ، لا أحد يعبأ بعبورك أو غيابك ، فدائما ثمة ظلّ كسول ، وبقعة شمس صغيرة تسترخي  على ضفاف الذاكرة  . في باب بن غشير ، ولأمر ما، ستتألم  بأسى وأنت تمشي عائدا إلى شقتك بعد طواف عقيم .. تتألم لأن ثمة ما تجهله ،  يحدث في باب بن غشير .
____  
من اجياء طرابلس .