وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الأربعاء، 12 أغسطس 2015

هذه صورتي ..




مفتاح العمّاري


هل يذكرك وجهي بشيء









هذه صورتي ، هل يذكّركِ وجهي بشيء  
لنقل لوحة صحراء تخلو من سحرِ المخيّلة 
على خلفية موسيقى سائبة في مقهى بحري مهجور
ساعة حائط عرجاء ووحيدة رسمتها طفلةٌ ناعسة
أسير حربٍ  بيدين عاطلتين عن هبة الحب  ....
هي حرب ضالةٌ
نشبت بين حطّابٍ أعْمى وغابةٍ لئيمة
بين جنديٍّ مغفَّلٍ وحبيبةٍ تنتظر منذ أربعين سنة شمسية
بين حبيبة تنتظر ونافذة حالمة منذ أربعين سنة شمسية  
بين نافذة حالمة  وقذيفة مجهولة   
بين جيشين منتصرين كلاهما ينسحب ظافرا بتوابيت مرحة
 وأبطال بأطراف صناعية ، ومدن مهدّمة
بين قبائل طيبة الذكر تجيد النهب والقتال،
 وقبائل أخرى طيبة الذكر  تجيد النهب والقتال
بين ثوار شرفاء يحبون ليبيا
وثوار شرفاء ، هم أيضا يحبون ليبيا
 هكذا  هو الآن  وجهي  : 
 مثل شيءٍ لا يحدث الاّ مُكرها كأبغض الحلال عند الله  
والتبول أثناء النوم
 والمشي ليلا في حديقة  ملغّمة
كالعزوف عن الحلم وانتظار الأعياد وقدوم الأحبّة  
كمقاطعة الأصدقاء والشوارع والإضراب عن الكلام
وربما  ذاويا لضرورة السفر داخل مرحاض مغلق بإحكام
يشبه قصيدةٌ ميتةٌ لشاعرٍ سيءِ الحظّ .

**
هذا  الجدار الذي يتداعى ظِلُّ وجهي  
وأنني إلى هذا الحدّ صرت متعذرا عن كرامة العطر
وغواية رباعيات الخيام
ومولانا جلال الدين الرومي   
بحيث لا وجود لباقة ورد كهدية مضادة لكآبة الطقس
أو ترتيب جنازة باذخة تليق بمهابة شهيد العزلة .

**
قبل ثلاثين سنة أو ثلاث وثلاثين
عندما فاضت المعاجمُ الرحيمةُ بمديحها  
وغمرت ترانيمُها  المعتقلات النضرةَ والصحفَ والمقاهي
كنتُ فتيا
وربما جندياً شجاعاً ، أو عاشقاً طائشاً بعض الشيء
أنا لا أحد غيري ، صعلوكُ بهاءٍ  وانهارٍ سخيّة
جوابُ ليل وقفاءُ  طرائد 
 عندي ما يكفي من منجنيقات الخيال والأسماء والنجوم
لكي اعبر واثقا دونما ريب
من قصيدة جميلة إلى امرأة أجمل .

إذن : هل ثمة شبه بين  وجهي
ولعبة طفل وسط الحطام
أو التنزه على ضفاف بحيرة السرايا الحمراء على إيقاعات القنابل
ونشوة رقص مباغت في شرفة  منزل  مهدد بالقصف
أثر  هجوم معزّز بمشتقات كروم باركها الشعراء

هل ثمة علاقة ما
 بين وجهي
ووطن لم نعد نفهمه ويفهمنا
 كما يليق بعاشقين بريئين من شبهات الرجم
بين وجهي
وسماء ضائعة في متاهة  الكتب .
كتب هي الأخرى قد ضيعتنا حين ضاعت .
هل هذا وجهي ،
: فزّاعة عصافير
مضخة  أسرار  لصندوق أسود  في بث مرئي مباشر
غرفة عمليات بأربعة أرجل مشبوهة  
محاكم تفتيش من ذوات  براثن الديجتال  
نازحون يتضورون  بأصوات عجاف
مثقفون رحّل يتبادلون جثث الضحايا عبر  نقالات الآي فون  
محافل ذبح وشيوخ يرطنون بلهجات أممية  
سياسيون من فصيلة الكلاشنكوف يخططون لمستقبل ناعم
عسكريون متجهمون بأربطة عنق يُنَظِّرون لصناعةِ  دولةِ الحريات  
أمراء حرب هائجون يؤثثون مخازن جحيم وسلخانات وحرائق
فيما قذائف الصداع  تتساقط على قلعة رأسي
وحبيبتي تنصحني بمحلول القرفة
واللجوء إلى يوتيوب الكاميرا الخفية عوضا عن متابعة أخبار المعارك
تنصحني بمزاولة الضحك  والنوم مبكرا
لأن وجهي  بعد ربيع الثورات
نفاية وطن  ومكبّ فوضى  
أنا ضائع .  
______
طرابلس 14 اكتوبر 2014