وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

السبت، 8 أغسطس 2015

صداع ( 7 )


مفتاح العمّاري


_________ صورٌ كثيرةٌ للصداع









7


أحيانا ألجأ إلى تمزيق طبقات هشة من الملاط
 كأنني  أبحث عن كنز  أو نفق سريّ، 
ولا أغنم سوى الكثير من الصداع وأكوام من الرفات العطنة والكوابيس
 كانت عباراتي بذيئة ، وثيابي  تكبرني
 في المدرسة : أُشبه مهرجاً صغيراً ، 
دائماً ألفظُ اسمي بخجل
وكلّما نُوديت ، يتعثرُ صوتي  ويسقط شيء منّي  لا أفهمه
تختفي  بنغازي خلف طلائها البحري ..
 وتنأى شوارعُ الماجوري
 مكتظة بتهريج ضابط صغير  يجمّلُ انقلابه العسكري بمساحيق عبد الناصر ، الذي لا أفهم كيف تنبأت بموته وأنا ألعب الورق .
في البيضاء  :
  أجرنا بيتا  في شارع طبرق من مهاجر تونسي يملك محلا للخرداوت
وحين نفقت نقودُنا ، صرت بائعا للمستعملات في سوق الأحد
ثم نادلاً في مقهى ......


***





 أحيانا اتشبّث بمخيلتي
وأطارد غيمةً سعيدةً ، تهربُ خلف جبل أو مدينة لا أعرفها.
في معسكر المرج تدربّتُ على  الطاعة التي تفننتُ في عصيانها
 كلّما استعدت وجه حبيبتي  .
في يوليو 1973 تسللتُ إلى حانات الإسكندرية وليلها الصاخب .
وبعد ثلاثة أسابيع عدت إلى البيضاء مصاباً بالإسهال 
في مكتبة ( الخراز ) تعرفت على ( سيرانيو دي برجراك )  متنكّراً في جبة  المنفلوطي
ثم توغلت في أقبية شهرزاد  مرتدياً قبعةَ إخفاء
حتى لا أقع في قبضة تحريات الشرطة العسكرية .
وحين صادفتُ ( أبو القاسم الشابي) كئيباً  و رثاً في أحدى المكتبات العامة
حاولت سرقته ،
لكن تهيبت فعل هذه الجريمة حالما وجدت الشاعر ( لطفي عبد اللطيف )
 تائهاً بين(  أكواخ الصفيح )  ،
كان صبيُّ الغلاف يُشبهني ، فتصاحبنا لبعض الوقت ../
وحين  أنضمّ إلينا  طاغور صنعتُ ناياً من القصب .......
كل صباح أصعد إلى الجبل ، حاملاً مسجلةً تصدحُ بموسيقى هندية .
هكذا صرت راعياً لقطيع من الخيال يتشرّدُ بين الثكنات ../
فلماذا يا أبي لم تترك  لنا قبل أن تموت شجرةً رحيمة ، 
أو حائطاً ، أو حتى عنزة ننعم بحليبها .

¨       
_____
باب بن غشير / طرابلس 

22 نوفمبر 2011