مفتاح العمّاري
_________
صورٌ كثيرةٌ للصداع
7
أحيانا ألجأ إلى تمزيق طبقات هشة من الملاط
كأنني
أبحث عن كنز أو نفق سريّ،
ولا أغنم سوى الكثير من الصداع وأكوام من
الرفات العطنة والكوابيس
كانت عباراتي بذيئة ، وثيابي تكبرني
في
المدرسة : أُشبه مهرجاً صغيراً ،
دائماً ألفظُ اسمي بخجل
وكلّما نُوديت ، يتعثرُ صوتي ويسقط شيء منّي لا أفهمه
تختفي
بنغازي خلف طلائها البحري ..
وتنأى شوارعُ الماجوري
مكتظة بتهريج ضابط صغير يجمّلُ انقلابه العسكري بمساحيق عبد الناصر ، الذي
لا أفهم كيف تنبأت بموته وأنا ألعب الورق .
في البيضاء :
أجرنا بيتا في شارع طبرق من مهاجر
تونسي يملك محلا للخرداوت
وحين نفقت نقودُنا ، صرت بائعا للمستعملات
في سوق الأحد
ثم نادلاً في مقهى ......
***
أحيانا اتشبّث بمخيلتي
وأطارد غيمةً سعيدةً ، تهربُ خلف جبل أو
مدينة لا أعرفها.
في معسكر المرج تدربّتُ على الطاعة التي تفننتُ في عصيانها
كلّما استعدت وجه حبيبتي .
في يوليو 1973 تسللتُ إلى حانات الإسكندرية
وليلها الصاخب .
وبعد ثلاثة أسابيع عدت إلى البيضاء مصاباً
بالإسهال
في مكتبة ( الخراز ) تعرفت على ( سيرانيو
دي برجراك ) متنكّراً في جبة المنفلوطي
ثم توغلت في أقبية شهرزاد مرتدياً قبعةَ إخفاء
حتى لا أقع في قبضة تحريات الشرطة العسكرية
.
وحين صادفتُ ( أبو القاسم الشابي)
كئيباً و رثاً في أحدى المكتبات العامة
حاولت سرقته ،
لكن تهيبت فعل هذه الجريمة حالما وجدت
الشاعر ( لطفي عبد اللطيف )
تائهاً بين(
أكواخ الصفيح ) ،
كان صبيُّ الغلاف يُشبهني ، فتصاحبنا لبعض
الوقت ../
وحين
أنضمّ إلينا طاغور صنعتُ ناياً من
القصب .......
كل صباح أصعد إلى الجبل ، حاملاً مسجلةً
تصدحُ بموسيقى هندية .
هكذا صرت راعياً لقطيع من الخيال يتشرّدُ
بين الثكنات ../
فلماذا يا أبي لم تترك لنا قبل أن تموت شجرةً رحيمة ،
أو حائطاً ، أو حتى عنزة ننعم بحليبها .
¨
_____
باب بن غشير / طرابلس
22 نوفمبر 2011