مفتاح العمّاري
أبوابُ
أويا
![]() |
فتاة ليبية .وليام كلارك : 1857-1930 |
-1-
قال :
أثناء خروجي ، سيدتي حمامةٌ
والبحرُ نائم
وحين استيقظ الربّانُ ، سيدتي غزالةُ برَ
سيدتي التي كما يُحكى في الخرافات،
نطفةُ خيالٍ معتّق،
جوّابةُ حلم ،
سفرٌ طويلٌ في صحراء مجهولة ،
سيدتي الثريةُ بكنوزِ الغيبِ ومآثر التجار
وهوسِ السلاطين
لم أرها في البدء إلاّ شغفاً بركوبِ
الشعر ،
وهي تضخّ دماء ًطازجة في أوردة التاريخ
إكراما لأسم النار .
مشغولة
سيدتي بخيولها .
كما لو أن شاعرا ثملاً بعثر نجوما وأجنحة
في سماء أويا ،
وقال :
أنا هذه اللغة .
-2-
قالت سين :
لا تنسى الوردة حين تأخذ بندقيتك للحرب ،
لا تنسى عطر حبيبتك في الخندق ،
لا تنسى رباط حذائك محلولا .
ولكي تطفو
الكلماتُ البليغةُ
علّمها إيواء البساتين في رئةٍ حصينة
أن تكون قريبةً عن بعد ،
لا تخشى الغرق في المعنى ،
أن تغوص أكثر ، وتترك السماءَ خلفها بريئة
من أخطاء المريدين ،
والطيورَ المغرورةَ أسيرةَ علوّها .
قالت
: أكسر التوقع أيّها العاشق إكراما لدهشة الماء .
.....................
-3-
بعد خروجي بقليل
عالجتُ شراعاً من بضعة ثياب عسكرية مهملة
رتّقتُ موسيقى صيدٍ بأوتارٍ جريئةٍ ، هي ما
تبقى من كمانٍ مُعاق
وتجولتُ بين إناث العواصم .
كما يحلو لبائع مخيلة ، سكنت هذا
الجزء الناعم
من
الأقاليم الفاتنة.
قالت لي :
انتظرني
عند ضفاف ٍ لا يخطئها الحدسُ
فأقمتُ حيث تتسكعُ كلمات وحيدةٌ في الليل ،
ومحافلُ الوجدِ تستدرجُ أتباع السرّ
الذين ما أن تولوا عرش المعرفة
حتى نصبت المشانق في الميادين
واختفت حكاياتٌ وأشجارٌ ومسارح وتماثيل .
قالت لي :
عليك بحديقة نظر أبعد من أسوار الثكنات،
وامرأة لا تشبه زنزانة أو قبرا ...
فاخترت عائلتي وأقمتُ السفرَ داخل كتبي .
-4-
قالت لي :
عليك بالرفيق قبل الطريق
فاصطفيت خلّين ، أحدهما حمارا بهيئة شاعر
والآخر سانشو ، جريرة ظلّ
وتوكلّت على فراسة صوتي في تأويل الظلال
بلا ضوء يذكر .
اقتفيت الإشارات التي قد يخطئها العابر
وقرأت خرائط الريح
واخترت كتابين ضدّين .
إن ضاقت سماء الأول ،
تكفّل الثاني بإيواء الأسرى .
-5-
قالت :
هكذا يكتمل نصابُ التجارب
رجلٌ وامرأة في أحلام صغيرة تفيض بالرغبات
أحيانا لا ينمو الحب إلاّ شجاراً
الألفةُ ، أن نُهذّب قتامةَ البنّ ببهجة
الحليب
لنستمتع بالكابتشينو .
أن نجلس
في هذا الركن المهمل من ربيع الثورات ،
نصنع الخبز والقبل والكلمات
ودونما تذمر ، يُعاش الحبُّ بالفطرة
حين يتخلّى الحملُ عن فكرةِ الذئبِ
وتستأنسُ الشمسُ لوناً لا يُسمّى ، اخترعه
شغفُ طفلةٍ ترسم
لتستضافُ الأشجارُ والنجومُ والأحذيةُ
والأشعارُ
على حبلِ غسيلٍ في شرفةٍ بلا عمد .
قالت :
يمكن أيضا اقتراح فسحة للرقص والصلاة والصمت
وقفل الهواتف والنوافذ لصناعةِ ليلٍ آمن .
يمكن ترويضُ حرف الباءِ ، خارجَ بابِ الخوف بقامةِ نون .
بغض النظر عن فرقعات الرصاص في ليلِ
العاصمة ،
ستظلّ أويا عظيمة بأمومتها :
ثلاثُ
مدنٍ في كلمة ،
ورحيمة أكثر ، لا تلتفتُ للغو المهذارين
تمحو جهةَ الريح
وتحتفظ بخمسِ إشارات صبورةٍ
لمجد الأبواب .
_____
باب بن غشير .
15 نوفمبر 2012 .