وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الخميس، 25 يونيو 2015

أبواب أويا


مفتاح العمّاري

أبوابُ أويا

فتاة ليبية .وليام كلارك : 1857-1930

-1-

قال :
أثناء خروجي ،  سيدتي حمامةٌ  والبحرُ نائم
وحين استيقظ الربّانُ  ، سيدتي غزالةُ برَ
سيدتي التي كما يُحكى في الخرافات،
نطفةُ خيالٍ معتّق،
 جوّابةُ حلم ،
سفرٌ طويلٌ في صحراء مجهولة ،
سيدتي الثريةُ بكنوزِ الغيبِ ومآثر التجار
وهوسِ السلاطين
لم أرها في البدء إلاّ شغفاً بركوبِ الشعر  ،
وهي تضخّ دماء ًطازجة في  أوردة التاريخ
إكراما لأسم النار  .
مشغولة  سيدتي بخيولها .
كما لو أن شاعرا ثملاً بعثر نجوما وأجنحة
في سماء أويا ، 
وقال :
أنا هذه اللغة .
-2-
قالت سين :
لا تنسى الوردة حين تأخذ بندقيتك للحرب ،
لا تنسى عطر حبيبتك في الخندق ،
لا تنسى رباط حذائك محلولا .
ولكي تطفو  الكلماتُ البليغةُ
علّمها إيواء البساتين في رئةٍ حصينة
أن تكون قريبةً عن بعد ،
لا تخشى الغرق في  المعنى ،
أن تغوص أكثر ، وتترك السماءَ خلفها بريئة من أخطاء المريدين ،
والطيورَ المغرورةَ  أسيرةَ علوّها .
قالت  : أكسر التوقع أيّها العاشق إكراما لدهشة الماء  .
.....................
-3-
بعد خروجي بقليل
عالجتُ شراعاً من بضعة  ثياب عسكرية مهملة
رتّقتُ موسيقى صيدٍ بأوتارٍ جريئةٍ ، هي ما تبقى من كمانٍ مُعاق
وتجولتُ بين إناث العواصم  .
كما يحلو لبائع مخيلة ، سكنت هذا الجزء  الناعم
 من الأقاليم الفاتنة.
قالت لي :
انتظرني  عند ضفاف ٍ لا يخطئها الحدسُ
فأقمتُ حيث تتسكعُ كلمات  وحيدةٌ في الليل ،
ومحافلُ الوجدِ تستدرجُ أتباع السرّ
الذين ما أن تولوا عرش المعرفة
حتى نصبت المشانق في الميادين
واختفت حكاياتٌ وأشجارٌ ومسارح وتماثيل .
قالت لي :
عليك بحديقة نظر  أبعد من أسوار الثكنات،
وامرأة لا تشبه  زنزانة أو قبرا ...
فاخترت عائلتي  وأقمتُ السفرَ داخل كتبي .

-4-
قالت لي :
عليك بالرفيق قبل الطريق
فاصطفيت خلّين ، أحدهما حمارا بهيئة شاعر
والآخر سانشو ، جريرة ظلّ
وتوكلّت على فراسة صوتي في تأويل الظلال بلا ضوء يذكر .
اقتفيت الإشارات التي قد يخطئها العابر
وقرأت خرائط الريح
واخترت كتابين ضدّين  .
إن ضاقت سماء الأول ،
تكفّل الثاني بإيواء الأسرى .

-5-
قالت  :
هكذا يكتمل نصابُ التجارب
رجلٌ وامرأة في أحلام صغيرة تفيض بالرغبات
أحيانا لا ينمو الحب إلاّ شجاراً
الألفةُ ، أن نُهذّب قتامةَ البنّ ببهجة الحليب
 لنستمتع بالكابتشينو .
أن نجلس  في هذا الركن المهمل من ربيع الثورات ،
نصنع الخبز والقبل والكلمات
ودونما تذمر ، يُعاش الحبُّ بالفطرة
حين يتخلّى الحملُ عن فكرةِ الذئبِ
وتستأنسُ الشمسُ لوناً لا يُسمّى ، اخترعه شغفُ طفلةٍ ترسم
لتستضافُ الأشجارُ والنجومُ والأحذيةُ والأشعارُ
على حبلِ غسيلٍ في شرفةٍ بلا عمد .
قالت :
 يمكن أيضا اقتراح فسحة للرقص والصلاة والصمت
وقفل الهواتف والنوافذ لصناعةِ ليلٍ آمن .
يمكن ترويضُ حرف الباءِ  ، خارجَ بابِ الخوف بقامةِ نون .
بغض النظر عن فرقعات الرصاص في ليلِ العاصمة ،
ستظلّ أويا عظيمة بأمومتها :
 ثلاثُ  مدنٍ في كلمة ،
ورحيمة أكثر ، لا تلتفتُ للغو المهذارين
تمحو جهةَ الريح
وتحتفظ بخمسِ إشارات  صبورةٍ  لمجد الأبواب  .
_____

باب بن غشير .  15  نوفمبر  2012 .