وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

السبت، 20 يونيو 2015

نسيج العنكبوت




مفتاح العمّاري
نسيج العنكبوت



     منذ القدم بدأت الحياة  بحكاية صغيرة ..
حدث ذلك قبل أن تختفي الحكايات من على وجه الأرض ..  فثمة أسطورة أفريقية تقول : بأنه في الماضي السحيق لم تكن هناك حكايات على هذه الأرض .. لأن  الملك الجبار الذي يعيش في كوكب آخر ..  هناك  ،  حيث  تلمع النجوم في السماء  البعيدة  ، قد أخفى جميع الحكايات في صندوق ذهبي لا يفتح أ بدا .. إلا بمعجزة السحر ،  خبأه بجوار عرشه الملكي .
    لكن الرجل العنكبوت   كما تقول الأسطورة كان يبحث عن حكايته الخاصة .. لهذا صنع سلما من نسيج خيوطه الرقيقة  ،  القوية  وصعد الى السماء القصية ليسترد حكايته الضائعة  .. لأنه يعلم أن الحكاية مهما اختفت بعيدا عن  مشيئة السرد ، ستظل  تنمو بهدوء خفيّ ، فهي أمّنا  ، قال الرجل  العنكبوت  فيما كان يصعد  قويا ،  وهي لغتنا الأولى التي حلقنا في طفولتنا  بأجنحة خيالها  في فضاء الأساطير  الغريبة ، وتعلّمنا  مفرداتها  البهيجة ،  وترانيمها المرحة من أفواه جداتنا ،  تحت فماشة ليلنا الحالم .  لهذا  ستظل الحكاية تنمو  كأنها ربة معنى  يتّسع رحمها لإيواء الكون بأسره . فالحكاية وحدها هي  المعرفة الأولى التي استدلّ بها الكائن على  تعلّم الأسماء ، ومعرفة العناوين . لذا صنع كل  منا حكايته الخاصة به  داخل  هذا العالم المتقلّب  الذي يتشكّل سياقه من سلسلة من  الحكايات .  ونحن  حين  نكتب قصائدنا  إنما نحاول ، وببضع كلمات متشابكة  صناعة ذلك السلّم الأسطوريّ ، الذي  نسجه من قبل الرجل  العنكبوت  ،  ليوصل الأرض بالسماء   .

   هكذا سيبحث كل منا عن حكايته التائهة  ،  التي خبأها الملك في غرف  المتاهة ، وفي  موضع مجهول  وغامض  ،  لا يعرف سرّ مغاليقه إلا  من  كانت لديه الإشارة السحرية   التي  تتألف من بضعة  حروف مصقولة ،  لا تعبأ كثيرا بضراوة  الزمن ... لأنها على يقين بأنه  سوف  لن  يكون أمام الآلة الغبية التي قدّت من مادة  زائلة  سوى الفناء ،   ولن يبقى شيء  .. سوى  الحكاية  وحدها .