وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الجمعة، 18 ديسمبر 2015

سقف الليل (4)*

مفتاح العماري

سقف الليل
 يا لها سطوة
 حين عاد السادنُ من مهجره، ليجدك طازجة وعذراء ،
 لم تمسسك لغة بعد ، سوى السكين التي قطعت حبلك السريّ . 
 أيتها الصغيرة الجامحة ..
 يا شطيرة روحي  وشقيقة سفري ..
  يا نصف ديني  وكل مسافتي ...
 قال الرجل ذاته وهو يمسح العرق عن وجهه المجدور،
 ليأخذك دون رأفة إلى كوخه الموحش.
 الرجل الذي كما يقال :  لم يعد محاربا أو صنديدا.
 هو الذئب الجافل  من خرافة إلى أخرى
 يسطو عليك بقرابة الدم .
 ظلّ دهرا وهو يتباطأ
 لكي  يظفر بك .
لكن لم تكن خاتمة مطافه
غير لعبة فاجعة
لم يحدس قط بأنك
ابنة ريح وسليلة نار .
 لم يحفل بما يندس في أعطاف الدنس
 وهو يغزو الفيافي بعناد الفارس
من أجل ثروة صغيرة من نحاس مهجور
أهملته الحروب .
 سلخ خمس ضفاف  في اقتفاء المعادن ..
 وخمس ضفاف أخرى
 وهو يمجّد الاسم السامق
 الذي لا مثيل له .
 حفر عميقا في لحم الأرض
ينقب عن كمأة أسرارها اللامعة .. /
حتى أمسى خبيرا بمخلّفات الجيوش ،
 يفكك أحشاء القنابل
ويحاذر مغبّة بارودها  .
وقتها أضحت بنغازي سوقا كبيرة  لنفاية الحرب :
أغطية  وأحذية طويلة  وجُعب وخوذ ، وعلامات كتف  وشارات
  وطيور من فضة ونحاس مطلي بماء الذهب
 ورصاص خامل ومعاطف صوف وسراويل من كتّان  الكاكي .
كل شيء يباع بعشر ثمنه الأصلي  :
 الخيام والأحزمة وأكياس الخيش
 وعلب الصفيح وقناني النبيذ المغلّفة
 بقمصان السعف وأظرف القنابل
والصواريخ المجوّفة التي تحوّلت إلى مهاريس
لطحن الحبوب والبقول...
  كانت تلك ثروة لا تضاهى،
 في مدينة لم يعد ملحها قادرا
 على إشباع شهوة قاصديها.
____
الرملة 27 يناير 2002

*من قصائد المجموعة الشعرية : السلطانة .