مفتاح العمّاري 
            الشيطانة 
النائمة            
كما لو أ نني أ هذي
رأيتك أيّتُها الشاردة وأنت تهتفين نحوي
توقف أيها الجندي .
**
كما لو أ نني أ حلم 
أنزع معطفي العسكري
و أجلس قريبا من شواطئك القاسية 
أفكر فيك بحواس مرتبكة
وحزن شفيف .
أنت يا صديقتي الماكرة 
يا شيطانة الشعر الذي يُولد
لكي يرضعكِ
بأ ي مستقبل سأفكر فيك  ؟
فا لذي يخطفك يكون شبيها لرغبتك في اللعب
مقطوعا من شجرة منقرضة 
حتى لا يعاوده الحنين إلى أمه
مختلفا عن أ قرانه
يدخلك متأبطا هدوءه الحالم 
شاعرا 
يقود الخيال من أذنيه .
هذا 
الخجول الفاحش 
 قريني الذي
خانني
علمني كيف أ هوى
وكيف أ عبر واثقا باتجاهك
في وداعة الأسرى  .
لأكون أول وافد يضع حدا لهيمنة العطش
أ هبط إلى شوارعك الحارة
الخانقة أوهام عابريها
في ظهيرة طاغية جدا ، والهواء يترنح
بأ سنان وسخة وفم كريه
طاغية تراوح كسلحفاة مقلوبة على قفاها .
**
الذي مَرَّ ليس مثلي .
له رغبة حصان عجوز
رغبة نافذة معطلة .
ليس مثلي
الشاعر الذي رافق العسكريين
وهم يقفزون من الشقوق
وأرفف الغبار .
مثلي من يخطفك بعيداً
حيث لا أ حد يطرق الباب سوانا ، أيّتُها
الأمّارة  
بكلّ الغوايات .
الغامضةُ لأنها تضحك دائما
وتعدّ القهوة للأصدقاء
المستبدّةُ :  تهبُ المستقبلَ عصيرَ أنوثتها
أحبُّها يا ربي
هذه الشيطانة الجميلة النائمة في سريري
بشعرها الجامح
وقامتها السادرة في المعصية .
بشعرها الذي ربته مشاغبا
علمته الرماية وركوب الخيل .
الحنونة
حاضنة القصائد والشهوات .
لم تولد بعد  /   حين
ذهبت   الى الحرب
لم توجد الحريةُ  الفاتنةُ 
لكي أقبّلها أمَام المسجد
في نهار 
كبير وزاحم .
أغازلها داخل السوقِ  كأننا وحدنا .
لم أدخل المدينةَ بعدُ
كبدويٍّ خاسر .
فترّفقي .
ما من ذَكَرٍ ليس مشروطا بكِ .
كلّهمُ 
يشتهونكِ  مقشرة فوق المائدة 
مفروكة بالعطر
مبللة بمزيد من صراخك الفتيّ .
لكن ما مِن أحدٍ يَقْوَى على هزيمتكِ ، 
لأنكِ عصارة كرومٍ متوحّشة  .
أيّتُها البدويةُ المدللة 
الطفلةُ المسنّةً المأخوذة باللعب .
المرأةُ الضالةُ 
الابنةُ الوحيدةُ في سلالةِ الذكور .
العنيدة : فقدت نصفَ سكّانها لتكون هي /
وتبقى .
يا معركتي المؤجلة 
الآمرة بالتوقف  .
- استعدّ أيها الجندي
أنا خندقكَ الأخير  .
فتزوّد لحربكَ المؤبّدة
بنارٍ  لا تأفل
وهواء لا يحترق .
أنتِ المنزوعة سلفاً لأجلي  /
المقتلعة بسطوةِ الريح
لكي أكون إلى جواركِ أبدا 
أُهرّبكِ خلسةً من حلم إلى آ خر
يا وشمي التائه بين الدلالات
يا لغتي التي تجدِّد قاطنيها .
ويا أمي الصغيرة ....
أنا المغرورُ بكِ  /
العابرُ 
مكتفياً بنفسه  / لأنّك معي  .
لأنكِ امرأة  تُشبهُ نفسَها /
لمْ أرها تخاف الغد أو  تشتكيه  
.
أسمُها يكفيها لإثارة الفتنة .
عنقُها رحيلٌ لا يُفسّر.
عنقُها سعيدٌ لأنه عنقها .
وعيناها يرتبكُ فيهما المعنى.
وفمُها يبشِّر المؤمنين بالجنة 
حيث يقفُ العابدُ خاشعاً 
: 
شكرا يا ربي على اختراع النبيذ والفاكهة .
يداها 
....
أعترف أني حين لمستُ إحدى يديها
ارتجفتْ مثل بلادٍ خائفةٍ من شغبِ 
عاشقيها ......
 : توقف
أيُّها الجندي
 أن
تذهب بعيداً 
يغدو الضحك مقلوبا
ويصير صدري بل مأوى .
قلت :
لمثلك 
يتطوع الخيال فدائيا /
يكرس حواسه لمشيئتك وحدها
ولأ جلك ترتكب المؤامرات
ويغدو كل شيء ممكنا ؛
- 
المستقبل بثياب نظيفة
   
وغرف مرتبة .
  
المقاهي تسترد أمسياتها الحميمة ،
  
والكلام براءته العابرة  .
**
_ 
توقف أيُّها الجنديّ
لست مدينة مستباحة 
لكي تحتلني
ثم تنسحب حين تشاء .
قلت :
أ حبك أيتها الكافرة  
سأهبك ما تبقى من شعبي
ليزرع حواسك بالقبلات  .
**
_ 
أ حبُّها يا ربي
لها إذا أرادت
رعايا هذا الجسد .
عبيد طيعون
يرتّبون لها العالم  كما تشاء ..
فساعدني على بلواي  /
أنا الفتى الخائف
الشاب العربيد
العابر الضروري
الضيف خالق الوقت والمسرات 
الزوج الآبق الوفي
والولد الشقي
حامل الألعاب والمطر ..
ساعدني
قبل أ ن أخسر مفاتيح بيتي .
**
:  
كان بيتي  قريبا من بحر لا أراه
شرفته تطل على محطة الحافلات ،
وباعة الحصر والأغطية  .
   
كان بيتي  بعيداً .
_  
ساعدني 
لكي أ قول :
أرجو المعذرة
أيتها البنت العاقة 
يا فتنة الشعراء
يا قبلة التجار والقراصنة 
لأني الليلة حلمت كثيرا
فامتزجت ألوانك بي  ..
كأن أراك 
بين 
عيني وبيني
ولا أ مشي الا  بك .
وأني كبرت كثيرا
وشطحت كثيرا
فصنعتُ لكِ ِ نهراً بحجم الحصير   /
وشيدتُ وطناً فوق المخدة  .
_____ 
طرابلس الغرب . 12ديسمبر1991
