وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الجمعة، 21 أغسطس 2015

قصيدة النثر 1

مفتاح العمّاري


معطف بيرنار



       
     ثمة وجهاتُ نظرٍ عديدة قيلت قصدَ الإحاطة بقصيدة النثر التي ظلّت حتى الآن عصيّةً على القبض ، وكأن ما قيل لم يُدرج في اعتباره جوهرَ الكتابة المتغيّر ، إضافة إلى الخصائص الفنّية المركّبة التي تَسِمُ هذا الشكل الناشئ من الممارسة الشعرية . ولعلّ الفرنسية (سوزان بيرنار ) كانت محقّةً حين أقرّت بصعوبة قصيدة النثر / المعقّدة السهلة/ والغامضة المثيرة ،في آن واحد .. والتي تطمح منذ ظهورها - بالضرورة - إلى إخضاع اللغة الشعرية لمتطلّبات واقع ثقافيّ دائم التبدّل .
ولأنّ هذا الشكل كان مشروطاً بتمرّده وحتمية تغيّره ، تعسّرَ معه تحديدُ ملامحَ واضحةً يمكن توصيفها .. مما أوقعَ خطاب الحداثة الشعرية في منزلقات نظرية لا تخلو من التشتت والارتباك ، عبَّرت عنه بامتياز، معظمُ المقاربات الطموحة التي رافقت قصيدة النثر ، بدءاً من بيانات الشاعر اللبناني (أنسى الحاج)  إلى آخر الشهادات الشعرية في أفق التحولات  ، مروراً بإعلانات الشاعر العراقي ، (عبدالقادر الجنابي)،ونظريات أدونيس،والتي جاءت في معظمها كمستنسخات مشوهة ، لعبت وجهاتُ النظر فيها على تنويعات مجتزأة  من تلك المفاهيم التي أرستها الفرنسية ( سوازن بيرنار ) . ولعل مأزق النقد هنا يكمنُ هو الآخر في بنيته المركّبة .. مما ساهم في تعقيد هيئته وصعوبة أشكاله ، وكأنه قد أرادَ تطويع القصيدة لنزاوته الشكلانية ضمن تمظهرات السطح اللغوي .. فصرنا نقرأُ نقداً مهووساً بزيّه وزينته، مغرماً إلى حدّ التفكّه باستعراض مفاتنه ، يستعير مفردات القصيدة ليوطّن نفسه كنص مجاور ، التبس بمقروئه وتماهى به .
   إن هذه الضلالة التي مُني بها النقدُ جعلت التأويلَ عالقاً بمناطق شديدة التيه والغرابة ، خلاصتها أن النقدَ الشعريَّ قد فقد ملامحَه ، ولم يعد نقداً خالصاً ، بعد أن شرع كُتّابُه يبنون قصوراً من وهم ،  على رمال الشعر المتحرّكة .
<>