وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

لا أريد تاريخا ينبح على العابرين


مفتاح العمّاري
اللوحة لكايل طومسون

لا أريد تاريخا ينبح على العابرين


خذوا بساتينكم وأعطوني غابتي المتوحشة ،
 أنا ذئب اللغات سأعوي بعشرين طريقة
 لكي يستيقظ الجياع ويخرجون من تاريخ كهوفهم
 خذوا أمجاد حروبكم  واتركوا قصيدتي ،
 لا أريد تاريخا ينبح على العابرين .
خذوا قصوركم وأسواركم وحراسكم وأعطوني أغنيتي ،
 أنا عطشان ، وحبيبتي تنتظر ،
خذوا القاعات  والفنادق والمنابر والخطب ومكبرات الصوت وتذاكر السفر والجوازات الحمراء وأعتقوا خيالي ..
 أريد اسمي بسيطا ومهذبا بخمسة حروف صقلتها أقفال التجارب ،
فألمي يتفاقم وأطفالي يكبرون بلا وطن .
 خذوا جيوشكم وأعطوني وردتي فحبيبتي تقف عند المنعطف
 خذوا غباركم ..
 أريد سماء قصيدتي صافية بلا دساتير ومعتقلات  
خذوا كنوزكم 
وردّوا لي ذاكرتي الأولى عن الفقر والأكواخ والمطر والأعياد .
خذوا نقودكم ، أريد وحلي نظيفا من الصخب واللصوص .
 خذوا قوانينكم أريد أن تظل مقاهينا بلا مخبرين  وصحفنا بلا مقصات وأناشيدنا بلا عواصف ، وأقمارنا بلا قضبان وعطر حبيباتنا  يسافر.
خذوا جدرانكم أريد الريح والعصافير والخيول والصدى.
خذوا النفط والذهب والطحين ..
 تكفيني بضع كلمات لكي أحلق أبعد من مدى .
خذوا التعاليم واللوائح والأعلام والأناشيد
أريد لغتي فسيحة بلا حواجز وأسلاك شائكة وخرائط وحدود .
خذوا شيوخكم بعيدا عن صلاتي
أريد الله كما عرفته وأنا أبكي على قبر أبي .
واتركوا لي شأن ذئابي أعرف كيف أربِّيها .
اتركوا لي صراخي وفوضاي
اتركوا لي قماشة خيالي أتدثر بها .
 خذوا أحذيتكم الثقيلة ونجوم النحاس بعيدا عن طاولتي
 وأعطوني فنجان قهوتي وردّوا لي هدوئي .
 أعطوني غيمة
 لعلّي أرسم ربيعا جديدا .
_______  

كاتنزارو  10 مارس 2008

D .SAKKO

                                                                                                                                               مفتاح العمّاري

           دكتور ساكّو 




Sakko  رجل من سلالة كاليجولا  ،
يحمل ثلاثة أسماء ثقيلة
في الطريق من روما إلى كاتنزارو
يستهلك هذا الحوت البريّ ثلاثة أحذية سيئة الحظ ،
تتقدّمه بطن إمبراطور
وجد نفسه بمحض الصدف البليدة ، ورعاية المافيا
جرّاحا بدرجة بروفيسور
هو  الوحيد في مستشفى جرمانيتّو الذي يمشي مدجّجا
بقطيع من الأطباء الحمقى
له قرون استشعار لمعرفة أنباء الرماد ،
أينما يذهب يترك خلفه جثثا طازجة
وصخبا من الأخطاء العظيمة . 
___  
كاتنزارو ، 20 ابريل 2008


قصائد زمان ( 4 ) *

مفتاح العمّاري

_____   نساء            

أ جمل ما في النساء                  
كونهن  نساء .                         

أجمل ما في  الكلام                   
إعراب  النون
وتصريف التاء

وأجمل ما في  الشعراء
نسونة  العالم
وتأنيث الأشياء  .
___ 
من قصائد المجموعة الشعرية ( رجل بأسره يمشي وحيداً )
طرابلس ، 21 اكتوبر 1987



الأحد، 29 نوفمبر 2015

مقعد لعاشقين : سالم العوكلي

مفتاح العمّاري


مقعد لعاشقين*

     دعونا لا نتّفق ، هذه العبارة عتبة ممكنة للإطلالة على آخر إشارات التفوق الإبداعي في الشعر الليبي الأجدّ .  فها هو الشاعر سالم العوكلي يكرّسُ بهدوءٍ طموح ، الاختلاف والتّجاوز .. وبنشاط متزايد .. كما تشي به كائنات مجموعته الشعرية : مُقعد لعاشقين  ، والتي تجاور بين سؤال الهوية وقلق الشعر كطريق للمعرفة ، من دون أن تغفل شحن الكلمات بما يليق بها من خصائص جمالية وتفانين أسلوبية .. لكتابة شعرية تهجس بالاختلاف والتلقائية الفادحة . وهي على الرغم من بساطتها ، لا تضاهى .. قياساً بألمع التجارب الشعرية العربية المعاصرة ، وأكثرها شهرة . لذا تُعدُّ  هذه التجربةُ لما تنطوي عليه من حساسية جديدة وذائقة متطوَّرة، بمثابة بيان شعري للخروج عن الهجانة والانبتات .. وفضح المستنسخات الباردة التي لا حياة فيها ، وأيضاً دعوة للاختلاف ووضع البصمات الحقيقية لما نعتقد بوجوده من قيم شعرية أصيلة وأسس جمالية تعبّر عن هويتها داخل النصّ الأدبي ، ضمن شروط التجديد والمغامرة .. وتجعل من ذاتنا متحقّقة في جوهر الكتابة ، كممارسة إبداعية مؤمنة بجدواها .. تحتفي بقداسة الشعر كسبيل للتحقّق والمعرفة .. ومن ثم هي حالة واثقة تأنس لعنف المخيّلة وصلابة الوعي الرصين ، وضرورة التجاوز كردَّ شافٍ على المشكّكين  في قدرات الكتابة الشعرية الجديدة ، لتقول لهم ما الضرر إن كان الحلم دليلنا . إذاً هذه علامة أخرى تشي بالحبّ والحياة . فقط دعوا القصيدة تتنفّس :



" دعوا القلب يكتب سيرته
دعوا الحمامة تنام في حجر المئذنة .
دعوا البنت  ..
تقصف بشعرها المرسل ..
جدار الحكمة  .
دعونا ..
دعونا لا نتّفق .
**
دعونا في زاوية المقهى  
نقيم منفانا الصغير
نخرج المرأة من عروضها
ونهمس الشعر الجديد
دون أن نلتفت
...  ...  ...
ربما يوماً سنغنيّ
فقط
لتعرفوا الطريق إلينا . "
___ 

كتبت احتفاء بإصدار المجموعة الشعرية مقعد لعاشقين 2001

ظلُّ الأعْرج

مفتاح العمّاري


ظلُّ الأعْرج
 يحدث في هذا الليل، حين ينقطع التيار الكهربائي ، 
 يحدث  لكي أزيح عشرات الثكنات عن كاهلي  ،
 وأنفض ألفي عام  من دخان الغزاة ،
 أن أصغي لأغنية مجهولة تنبعث من داخلي
غير مكترث لهزيمة  الأرق  بأقراص النوم  .
 وأن أفكّر بطريقة جامحة في كتابة قصيدة ، على بصيص شاشة هاتفي المحمول .
هيا يا عزيزتي ، أنت كلبة مطيعة .
**
 كما يحدث في الأثناء  أن افقد نظارتي ،
 لكنني لن أصخب مثل ذئب فوق تبّة مهجورة ،
 لأن الظلام مهما تعاظم  لن يحول بيني وبين المشي حدّ التعب.
**
يحدث ،
فيما يقتحم اللصوص بنوكا وشركات .
أن أسلك طريقا بعيدا عن روما .
وأرسم خططا  لغزو المخيلة .
فيما يسرقون الثورات ويسطون على مخازن الألفة .
أجتاح اللغة بحثا عن شجرة أصيلة ،
 أو طائر فوق حطام .
**



هذا كلّ شيء :
محض ترهات لظلّ أعرج ، 
فلا حاجة  للقلق . طالما يمكنني في هذه الليلة الحالكة
تقبيل حبيبتي ،
وكتابة قصيدة وأنا مغمض العينين .
أجل ، لا مبرر للقلق من أجل نظارة ضائعة ، 
وعلبة دواء تتلاشى ،  
وحلقة مفاتيح ربما كانت قبل قليل على المنضدة أو في جيب سترتي .
 ربما لأنني تعوّدت فقدان العديد من الأسماء في معارك غبية .
 فأحيانا ثمة كتاب يختفي فجأة من أرفف المكتبة ،
وولاعة سجائر تغادر بطريقة غامضة سطح الطاولة  ،
ويسقط رقم هاتف من قائمة الأسماء
وتنسحب فردة جورب من محراب حذائها  في صباح مبكّر
وتختفي ساعة اليد دونما سابق إنذار  ،
فيما لا أذكر ما إذا وضعتها على الكومدينو ، أم فوق رخامة الحمام .
يحدث الأمر ذاته مع الأمشاط وقلامات الأظافر وفرش الأسنان .
وأيضا مع خاتمي هو الآخر ، والذي حين افقده يجعلني أعاود نبش الأدراج ذاتها .
كل هذه التفاهات الاعتيادية ، لا تعني شيئا لرجل متشرد في الألم  ،
ففي نهاية المطاف لا شيء  يدعو للحزن طالما ستظهر الأشياء الضائعة بعد حين ، وبمحض الصدفة ،  
 لأكتشف أن  الوقت الذي قتلته في البحث عن مقتنيات صغيرة
يبدو أكثر سخرية وأنا أستسلم للضحك ،
 وأنّ أيّ ارتباك هنا، سيعدّ ساذجا وأحمقا كطفل يعاني من رهاب المرحاض ،
 هزيمة رخيصة أمام الغائط .
لأنه حالما يعود التيار الكهربائي
سأدرك في بساطة شديدة الوضوح
 أن الظلام  دليلنا لكرامة الضوء .
 لأبدو مرة أخرى أكثر حماسة وأنا أعالج الكلمات الضالة .
____  
طرابلس . فجر الاثنين 21 يناير 2013 


الجمعة، 27 نوفمبر 2015

قميص



في خزانة ِالثياب

رأيتُ قميصي الكاكي

خجولاً يرثُ حروبا خاسرة .
__  
الأبيار 22مارس 1984


شهرزاد

مفتاح العمّاري    



__________              شهرزاد 


لأنك باب التائهين ،
 دائما تحملين صدرك مختوما بحبر الشفاه .
كم جيش يا ترى تذكر الأمّ والوطن
 حين رآك تقودين الأنهار والحقول والمدن ،
 فتمنى لو تهدأ الحرب قليلا  ،
ريثما يتبعك مأخوذا بلا أين . وأنت تهتفين  :
هذا  رنين فمي
فما ذنبي أنا المرأة الوحيدة
إن رقصت حمامة في المطر
أو غنّت قبّرة  .
وهذا اللامع بريق مخيلتي . فما ضرّ لو أن
حطابا عشق أميرة القصر .. أو طمع متشرّد في
كرسي الخلافة .
أنا محض امرأة وحيدة . وهناك أكثر من خيال
تنسجه أمة تنتظر جلادها .
هناك أربع وعشرون طريقة لتأنيث الليل .
لكن غلطتك كانت فادحة ، وأنت تأخذين
الجيوش بأسرها
إلى متاهة اللذة السامقة .
لأنك تشبهين معجزة خجولة : حقول من
الورد تنبت في كتاب  مبلول ..
وموسيقى
تهطل من عينيك المسافرتين في المجاهل السخيّة
وتغدو الكلمات سحابة عطر . حينها لم نكن أنت
وأنا مجرد ذكر وأنثى نحشد التراب والماء
والفصول  لكي نبني بلادا في الليل لنحرقها في
الصباح .
لأنك ابنة كوكب يسافر ، صرت تستمرئين
اللعب  معي ، فيما تتركين الرواة يتقاسمون
ثروتك ويتركونك كما أنت امرأة وحيدة تبتكر
شيخوخة الألوان لترسم آخر رائحة قبل الموت
بهيئة غرف كالحة يتقاذفها هوس عليل ، ورسائل
وجد يأكلها العثّ .
ثم ما الجدوى من البكاء على كتفي المهدّم ..
أمن أجل طفل لم يولد ،
أيتها الأم العذراء
التي أكبر من عاصفة
وأكثر من أنثى  ..
التي لن يحيطها لون
أو تؤويها لغة .
**
أيتها القصيدة
إني أنأى عن خيالك .
 ___ 
طرابلس . ربيع 1999

الخميس، 26 نوفمبر 2015

قصائد زمان ( 3 )


مفتاح العمّاري

منازل السرطان

في الساعة السادسة والنصف تماما
كان المساء حارا
وعيدا يرقص في الشوارع , كان
لحظتئذ جاءت ( لينا )
ايه يا طرقات السماء العالية
 في الساعة السادسة والنصف تماما
كأنك تحلمين بي
أنا مفتاح البحر
البحر الراقص بأجنحة رخاخ فضية
البحر رحم الكائنات الأولى
     التي من عشب  ومخلوقات صدف تائهة.
هو ملاذ السرطان
برجنا معا ،  أنا وأنت .
كذلك بابلو نيرودا الذي قتل قبل قليل .
في السادسة والنصف بتوقيت طرابلس
جاءت لينا ...
هي أذنا خزف معجون بحليب الود
عينا ( قصطل ) محروق بشمس حنونة
سيما فرح مخطوف بالحب
سيما زعل حميم .
____
السواني 12 يوليو 1983