مفتاح العمّاري
__________ بين
كتابين
(1)
في انتظار أن
يكون الخروج إلى الشارع اعتياديا ،
أصف ما فاتني
أثناء نوم قاتم لنصف رجل يتألم ،
في انتظار أن
يكون الجلوس في المقهى متاحا ،
أصف بحكمة
العليل على سرير معاق في غرفة مهذبة
بمستشفى شارتيه،(1)
أصفُ انطفاء وجهي وذبول أحذيتي ،
اصف طيرَ
وسواسي وهو ينقر معجم الشكّ ،
وينشب مخالبه في
جثة المعنى ،
أصف
رقعة أورامي ،
فتصفين ما هبّ
على أفق صدرك من سهو بريء .
(2)
في انتظار أن أمشي من جديد ،
أصف ما تشتت من حلم خارج وسادة الشعر،
أصف الفراغ الغشيم ، وضراوة الظلمة ..
حيث لا أرى سوى
الغياب الهالك والأشجار التي ترحل.
اصف يقين
الباب الهرم ، وقد تجعّد جلده ،
أنا العليل
بأوهام غيومي .
فهل يحزنك أني
في برلين أحدس جنوب الطقس
في صحراء قصيدتك
التائهة ،
أم تضحكين سخرية من صخب يبدأ بك ،
حين ترثين الرمل المخادع وهو يزحف
بثقله الغبيّ
على أرصفة
مدينتك الدائخة .
لا احد غيري يحيطُ بمستقبلك
،
لهذا أمزّقً
ماضيك لتكوني امرأتي السعيدةَ بربّانها الأحمق /
حبيبتي الخالدةُ
بغضبي وريبتي /
أحاصرُ رغبتك بين كتابين،
وأترك عصافيركَ
ترتجف ،
والضوء يتلعثمُ
في فمك حين تُوقظ أصابعي
سرّةَ تاريخك الباذخ بالمسرّات .
(3)
مولاتي
الغاضبةُ من شكّي /
أهبك وطناً ، فلا تُكسري تماثيله أو تحرقي خرائط كنوزه ..
أورّثك مملكة من
الأحلام / لا تردمي آبارها ./
مولاتي الجميلة
،
التي أعيدُ خلطةَ عناصرها بأسناني كما تشتهي ،
اخترقُ برتقالة
ليلها بسكين عثمانيّ ،
منتشياً بلهاث
شعبها الثمل .
لهذا ريثما يكون
الجلوسُ في المقهى متاحاً لنا
سأصفُ غيابي خلف
جدار برلين
: تكسرت لُغتي
بين "شارتيه و امرومر شتراسة " (2)
أصفُ
استغاثتي بك يا سلطانةَ وجعي،
لكي يظلّ صوتي عائلتك الأثيرة ،
حريرَ أسمك
،
أسطورةَ بعثك ،
وتاجَ رغبتك
أحقنك بعصارة الجندي
وحلم الشاعر .
فما الذي يجعلك
نهرا بثلاثة جياد جامحة ،
يتدفّق النورُ
من شهوتك ،
وبساتينُك تفيضُ بالموسيقى ،غير الرغبة في الوهم ،
وما الذي يخطفك
منّي غير الوهم ذاته .
كم عاصفة لأجلك
يا حبُّي ستبتكر الريح .
فقط ، أصفُ ما
احدودبَ من ظهر السماء الغبية التي هجرتك
غيومُها.
بعيداً في الوجد
يا حَلَمةَ النار ، فراشاتُ قصائدي تخفق
..
بعيداً في
الألم يسألُ طفلي( يا أمّي ، أينَ أَبي ) .
____
برلين خريف 2008
*من قصائد المجموعة ( مدونة النثر الليبي )
(1) المستشفى الجامعي في برلين .
(2) أمرومر شتراسة : من أحياء برلين .