وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الخميس، 20 أغسطس 2015

بين كتابين


مفتاح العمّاري


__________   بين كتابين  






(1)
في انتظار أن يكون الخروج إلى الشارع اعتياديا ،
أصف ما فاتني أثناء نوم قاتم  لنصف رجل يتألم  ،
في انتظار أن يكون الجلوس في المقهى متاحا ،
أصف بحكمة العليل  على سرير معاق في غرفة مهذبة
بمستشفى شارتيه،(1)
 أصفُ انطفاء وجهي وذبول أحذيتي ،
اصف طيرَ وسواسي  وهو ينقر معجم الشكّ ،
وينشب مخالبه في جثة المعنى ،
 أصف  رقعة  أورامي ،
فتصفين ما هبّ على أفق صدرك من سهو بريء .

(2)
 في انتظار أن أمشي  من جديد ،
 أصف ما تشتت من حلم خارج  وسادة الشعر،
 أصف الفراغ الغشيم ، وضراوة الظلمة ..
حيث لا أرى سوى الغياب الهالك والأشجار التي ترحل.
  اصف يقين  الباب الهرم ، وقد تجعّد جلده ،
أنا العليل بأوهام غيومي .
فهل يحزنك أني في برلين أحدس جنوب الطقس
في صحراء قصيدتك التائهة ،
 أم تضحكين سخرية من صخب يبدأ بك ،
 حين ترثين الرمل المخادع  وهو يزحف  بثقله الغبيّ
على أرصفة مدينتك الدائخة .
  لا احد غيري يحيطُ  بمستقبلك  ،
لهذا أمزّقً ماضيك لتكوني امرأتي السعيدةَ بربّانها الأحمق /
حبيبتي الخالدةُ بغضبي وريبتي /
 أحاصرُ رغبتك بين كتابين،
وأترك عصافيركَ ترتجف ،
والضوء يتلعثمُ في فمك حين تُوقظ أصابعي
  سرّةَ تاريخك الباذخ بالمسرّات .

(3)
مولاتي الغاضبةُ  من شكّي /
أهبك  وطناً ، فلا تُكسري  تماثيله أو تحرقي خرائط كنوزه ..
أورّثك مملكة من الأحلام  / لا تردمي آبارها ./
مولاتي الجميلة ،
 التي أعيدُ خلطةَ عناصرها بأسناني كما تشتهي ،
اخترقُ برتقالة ليلها بسكين عثمانيّ ،
منتشياً بلهاث شعبها الثمل .
لهذا ريثما يكون الجلوسُ في المقهى متاحاً لنا
سأصفُ غيابي خلف جدار برلين
: تكسرت لُغتي بين "شارتيه و امرومر شتراسة " (2)  
أصفُ استغاثتي  بك يا سلطانةَ وجعي،
 لكي يظلّ صوتي عائلتك الأثيرة ،
 حريرَ أسمك  ،
أسطورةَ بعثك ، وتاجَ رغبتك 
أحقنك  بعصارة الجندي  وحلم الشاعر .
فما الذي يجعلك نهرا بثلاثة جياد جامحة ،
يتدفّق النورُ من شهوتك ،
 وبساتينُك تفيضُ  بالموسيقى ،غير الرغبة في الوهم ، 
وما الذي يخطفك منّي غير الوهم ذاته .
كم عاصفة لأجلك يا حبُّي ستبتكر الريح .
فقط ، أصفُ ما احدودبَ من ظهر السماء الغبية  التي هجرتك غيومُها.
بعيداً في الوجد يا حَلَمةَ النار  ، فراشاتُ قصائدي تخفق ..
بعيداً في الألم  يسألُ طفلي(  يا أمّي ، أينَ أَبي ) .
____
برلين خريف 2008
*من قصائد المجموعة ( مدونة النثر الليبي )
(1) المستشفى الجامعي في برلين .

(2) أمرومر شتراسة : من أحياء برلين .