وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

شجرالكلام: عبدالسلام العجيلي

مفتاح العمّاري



كلام في شجر الكلام

" الأطفال
سحبوا ..
طائراتهم الورقية
تركوا ..
السماء شاحبة
لهدير  ..
بلا معنى ." (1)

        في هذا القول يتجلّى الإيمان بجدوى الشعر الذي هو حسب تعبير الشاعر الليبي : عبد السلام العجيلي :  سفرٌ رمادي يترصّد الحروف ويخفي شجر الغيم . وفي هذا القول أيضاً ، الذي اقتطفناه من شجر الكلام ، الديوان الشعري الأول للشاعر ، إضافة حقيقية لها نكهتها الخاصة بها ، تُكسب تجربة قصيدة النثر في ليبيا طموحاً متزايداً لارتياد مناطق جديدة، أكثر معرفة وتماسكاً ، ولا سيما أن القصيدة هنا لا تُخفي انحيازها الجميل إلى مكابدة الكلام ، كأنها تستمرئ تلخيص الألم الإنساني في احتفال جنائزي يعيد إنتاج أساه الشفيف بعبارات مكثّفة .
    احتفال بروح الشعر وكيان الشاعر مندغماً بذلك الكائن الخفي والمدهش : (الخيال ) كوهم ممكن التحّقق ، يلتبس دائماً بسموّه ، حيث لابدّ لنا كقراء أن نؤخذ بهذا العلّو الساحر ، مستسلمين لِلَذاذة سلطته ، ومؤمنين في الوقت ذاته بضرورته في لحظتنا الراهنة .. ولحظتنا المحلوم بها .. لنسافر عبر تجلياته الصوفية التي هي فعل صلاة .. من أجل تطهير ذواتنا من تشوّهات عالمها ، بكل ما فيه من فجائع وهزائم وخيبات .. كذلك من أجل الانتصار على مشيئة الأذى ، مقتفين إشارات القصيدة وما تفضي إليه من تهيؤات محتملة تحلّق دائماً صوب فضاءات أخرى أكثر طمأنينة وجمالاً :  دائماً الحلم دليلنا ، هذا ما تشي به قصيدة الشاعر عبد السلام العجيلي ، أو هذا ما تبدّى  في " شجر الكلام " هذه المجموعة الشعرية ، التي تصعّد سحر الكلمة برافد نقدي له حسّه اللمّاح في معرفة عالمه .. مهتدياً بحدس القصيدة وحدها ، ليمتعنا .. ويوقظ فينا روح الشعر ، لأنه فعلاً قد امتلك مفاتيح خزانة الروح واكتشف السّر  .. محققا باقتدار مكين إضافة جديدة لنثر القصيدة ، ومن ثم إضافة للحياة .
____ 
كتبت هذه الكلمة احتفاء بإصدار المجموعة الشعرية ( شجر الكلام ) 2001 .

(1)مقطع من شجر الكلام .