وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الخميس، 12 نوفمبر 2015

ايمان مرسال في المشي اكثر وقت ممكن

مفتاح العمّاري


     كنت قد قرأت لإيمان مرسال  مجموعتها الشعرية   (حتى أتخلّى عن فكرة البيوت ) والتي تكتنز بطزاجة تجعلها أكثر نضارة وأبلغ أثرا  بفضل تلك الحمولة الحارة من اللقطات البصرية الحيّة   ، حيث كل شيء يمثل مترعا بسخونة اللحظة عبر تلك العفوية في السرد الشعري  كنسق عام في نظام الجملة الشعرية في هذا المتن ، فضلا عن التقاط الهامشي والمهمل ، ولملمة الأشياء داخل سلة من البداهات . ففي وقت أمسى فيه الشعر يفقد تفاعله ويخسر قراءه وعلاقاته  النسيجية مع محيطه  ، تنجح إيمان مرسال في إيقاظ روح لقصيدة ، وإعادتها للحياة ، بتلقائية بسيطة خالية من أي تكلّف أو ادّعاء .
  لكن في تجربة المشي سيختلف الأمر . لعل ما يحفز إيمان مرسال ، على " المشي أكثر وقت ممكن  " بأن كل شيء يمكنه أن يكون شعرا . لا بأس ، فللجاحظ قبل زمن بعيد ، ما يشير إلى هكذا مفهوم ، على اعتبار أن : المعاني مطروحة على الطريق ، أو في الطريق . وعلى الرغم من أن الشعر لا يكتفي بكونه محض ضرب من معنى يمكن ترجمته عبر كلمات وصور  ، كما هو الحال في هذا النسق السردي الاعترافي  الذي استمرأته الشاعرة هنا ، بل هو أحيانا يتعذر فهمه ليفسح إمكانية التقاطه بواسطة الحواس ، ليس للخروج بمعنى أو نحوه  ، بل يؤمل منه   - أي السرد في قصيدة النثر  –  أن يشي بمعرفة أخرى ، خلافا لوظيفته في القصة أو الرواية . كذلك خلافا لتلك الخيبة التي طفحت بها المقترحات  في هذا الدفتر  ، والتي جاءت في مجملها على شاكلة قصيدة  " أيميل من أسامة الدناصوري "  ، لكأن هذا الصنف من اللعب يتبرأ من أية مسؤولية إزاء الكتابة ، وأن العبث واللهو والتهكم  ، وازدراء الرصانة ، وهشاشة اللغة ، وتحقير الإيقاع ، هو جزء من مفاهيم قصيدة النثر ، والتي باتت يوما بعد يوم تشيد فراغها  ، وتبتكر المزيد من أصناف العزلة .
   قد يعزى ذلك إلى شبهة في مسار عولمة قصيدة النثر ، كنوع جديد من الكتابة الشعرية ، وصنف عابر للقارات ، وناسف للهويات  . لكن  وعلى الرغم من انحيازنا لهذا الشكل من أشكال الكتابة ، علينا في الوقت نفسه أن نستدرك ما يمكن استدراكه من قيم لصالح القصيدة ، والتي يقتضي الوعي بجدواها أن نتشبث بها  كبرهان على وجود  ما هو آدمي وحقيقي وأصيل وسط هذا النمو المخيف للتفسّخ . 
__ 
    أدرجت هذه الملاحظات ضمن تعليقاتي في موقع رفّي باسم ( عبد السلام  alammary19) . وهو وسم صفحتي في الموقع .