وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الثلاثاء، 24 مايو 2016

تلك البهيمة

مفتاح العمّاري





     ثمت ذاكرة ينبغي إتلافها ، ولغة معتقلة علينا إحسان تربيتها على اقتراف المزيد من التمرد والمروق والعصيان حتى  تخرج كداعرة مهذبة . مسلحون يتبخترون على طريقة هوليود ، يرتكبون دونما غضاضة أبشع الفظائع ، أمسى مصيرنا رهن مزاج بنادقهم وطيشهم ، فما من أحد يجرؤ على الجهر علانية  مطالبا بطردهم خارج المدينة الكبيرة بعد تلك المجزرة التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى .  ذاكرة متعفنة ، هي من فصيلة ذبح ونهب ونميمة وأبطال مزيفين ، وجلسات شاي ، من بلور مغشوش وشرس ، الكرامة الوحيدة الجديرة بتبجحها ، تكمن في المثابرة على تحطيمها دونما هوادة  . 
     منذ ثلاثة آلاف عام  وأنا أحاول الفرار من الماضي المعذّب ، والركض إلى أقصى حد ، بعيدا عن تمزقات الأسلاف ، عن البغض والكراهة .
    كان يؤلمني ، كلما رأيت تاريخي يتبع كلبا مدربا وأنا أتبع الاثنين ، ممتنا للكلب لا التاريخ بهذه النزهة. كانت المرة الأولى التي أرى خلالها  كلبا أسود بهذا الحجم الضخم والمخيف . بدا نظيفا ومزهوا وهو يقضم قطعة لحم بقري والدماء تصبغ حواف فمه ، وتنسكب في خيوط مخاطية حمراء ..  بينما نحن كعائلة مجتمعة  بالكاد نظفر كل يوم جمعة بربع نصيب الكلب . ربما لأنه كلب كافر يحظى بكل هذا التدليل المبالغ فيه ، بينما كلاب المسلمين تتجول ذليلة وهي تقلب القمامات علها تعثر على فضلات من عظام وبقايا طعام بائت .
   لهذا سيظل النباح الذي يطلقه الماضي يثير الكثير من الفزع  ، فلطالما كانت تغزوني ظلال تلك البهيمة .