مفتاح العمّاري
مقعد
لعاشقين*
دعونا لا نتّفق ، هذه
العبارة عتبة ممكنة للإطلالة على آخر إشارات التفوق الإبداعي في الشعر الليبي
الأجدّ . فها هو الشاعر سالم العوكلي
يكرّسُ بهدوءٍ طموح ، الاختلاف والتّجاوز .. وبنشاط متزايد .. كما تشي به كائنات
مجموعته الشعرية : مُقعد لعاشقين ، والتي تجاور بين سؤال الهوية وقلق الشعر كطريق للمعرفة ، من دون أن تغفل شحن
الكلمات بما يليق بها من خصائص جمالية وتفانين أسلوبية .. لكتابة شعرية تهجس
بالاختلاف والتلقائية الفادحة . وهي على الرغم من بساطتها ، لا تضاهى .. قياساً
بألمع التجارب الشعرية العربية المعاصرة ، وأكثرها شهرة . لذا تُعدُّ هذه التجربةُ لما تنطوي عليه من حساسية جديدة
وذائقة متطوَّرة، بمثابة بيان شعري للخروج عن الهجانة والانبتات .. وفضح
المستنسخات الباردة التي لا حياة فيها ، وأيضاً دعوة للاختلاف ووضع البصمات
الحقيقية لما نعتقد بوجوده من قيم شعرية أصيلة وأسس جمالية تعبّر عن هويتها داخل
النصّ الأدبي ، ضمن شروط التجديد والمغامرة .. وتجعل من ذاتنا متحقّقة في جوهر
الكتابة ، كممارسة إبداعية مؤمنة بجدواها .. تحتفي بقداسة الشعر كسبيل للتحقّق
والمعرفة .. ومن ثم هي حالة واثقة تأنس لعنف المخيّلة وصلابة الوعي الرصين ،
وضرورة التجاوز كردَّ شافٍ على المشكّكين
في قدرات الكتابة الشعرية الجديدة ، لتقول لهم ما الضرر إن كان الحلم
دليلنا . إذاً هذه علامة أخرى تشي بالحبّ والحياة . فقط دعوا القصيدة تتنفّس :
" دعوا القلب يكتب سيرته
دعوا الحمامة تنام في حجر المئذنة .
دعوا البنت ..
تقصف بشعرها المرسل ..
جدار الحكمة .
دعونا ..
دعونا لا نتّفق .
**
دعونا في زاوية المقهى
نقيم منفانا الصغير
نخرج المرأة من عروضها
ونهمس الشعر الجديد
دون أن نلتفت
... ... ...
ربما يوماً سنغنيّ
فقط
لتعرفوا الطريق إلينا . "
___
كتبت احتفاء بإصدار المجموعة
الشعرية مقعد لعاشقين 2001