وسادة الراعي

وسادة الراعي
مدونة الشاعر: مفتاح العماري

الأحد، 29 نوفمبر 2015

ظلُّ الأعْرج

مفتاح العمّاري


ظلُّ الأعْرج
 يحدث في هذا الليل، حين ينقطع التيار الكهربائي ، 
 يحدث  لكي أزيح عشرات الثكنات عن كاهلي  ،
 وأنفض ألفي عام  من دخان الغزاة ،
 أن أصغي لأغنية مجهولة تنبعث من داخلي
غير مكترث لهزيمة  الأرق  بأقراص النوم  .
 وأن أفكّر بطريقة جامحة في كتابة قصيدة ، على بصيص شاشة هاتفي المحمول .
هيا يا عزيزتي ، أنت كلبة مطيعة .
**
 كما يحدث في الأثناء  أن افقد نظارتي ،
 لكنني لن أصخب مثل ذئب فوق تبّة مهجورة ،
 لأن الظلام مهما تعاظم  لن يحول بيني وبين المشي حدّ التعب.
**
يحدث ،
فيما يقتحم اللصوص بنوكا وشركات .
أن أسلك طريقا بعيدا عن روما .
وأرسم خططا  لغزو المخيلة .
فيما يسرقون الثورات ويسطون على مخازن الألفة .
أجتاح اللغة بحثا عن شجرة أصيلة ،
 أو طائر فوق حطام .
**



هذا كلّ شيء :
محض ترهات لظلّ أعرج ، 
فلا حاجة  للقلق . طالما يمكنني في هذه الليلة الحالكة
تقبيل حبيبتي ،
وكتابة قصيدة وأنا مغمض العينين .
أجل ، لا مبرر للقلق من أجل نظارة ضائعة ، 
وعلبة دواء تتلاشى ،  
وحلقة مفاتيح ربما كانت قبل قليل على المنضدة أو في جيب سترتي .
 ربما لأنني تعوّدت فقدان العديد من الأسماء في معارك غبية .
 فأحيانا ثمة كتاب يختفي فجأة من أرفف المكتبة ،
وولاعة سجائر تغادر بطريقة غامضة سطح الطاولة  ،
ويسقط رقم هاتف من قائمة الأسماء
وتنسحب فردة جورب من محراب حذائها  في صباح مبكّر
وتختفي ساعة اليد دونما سابق إنذار  ،
فيما لا أذكر ما إذا وضعتها على الكومدينو ، أم فوق رخامة الحمام .
يحدث الأمر ذاته مع الأمشاط وقلامات الأظافر وفرش الأسنان .
وأيضا مع خاتمي هو الآخر ، والذي حين افقده يجعلني أعاود نبش الأدراج ذاتها .
كل هذه التفاهات الاعتيادية ، لا تعني شيئا لرجل متشرد في الألم  ،
ففي نهاية المطاف لا شيء  يدعو للحزن طالما ستظهر الأشياء الضائعة بعد حين ، وبمحض الصدفة ،  
 لأكتشف أن  الوقت الذي قتلته في البحث عن مقتنيات صغيرة
يبدو أكثر سخرية وأنا أستسلم للضحك ،
 وأنّ أيّ ارتباك هنا، سيعدّ ساذجا وأحمقا كطفل يعاني من رهاب المرحاض ،
 هزيمة رخيصة أمام الغائط .
لأنه حالما يعود التيار الكهربائي
سأدرك في بساطة شديدة الوضوح
 أن الظلام  دليلنا لكرامة الضوء .
 لأبدو مرة أخرى أكثر حماسة وأنا أعالج الكلمات الضالة .
____  
طرابلس . فجر الاثنين 21 يناير 2013