مفتاح العمّاري
__________________
الوردة وتاريخها
ماذا يعني موتُ الشاعرِ يا
شريكةَ صوتي
سوى غياب الضوءِ الأثير عن جهةِ الحلم
وسماء المخيلة /
حدوث خلل ما في العلاقة بين الوردةِ وتاريخِها /
انقطاع الكهرباء عن منزل الطمأنينة وقد استبدّ ت مواسمُ القتامِ
بلغةِ العائلة /
وأيضاً إهمال الحديقةِ وتركها رهناً بدورات الغبار .
موتُ الشاعر يا حبيبتي
يشي باختفاء نضارة المعنى عن
حياةِ لغةٍ بأسرها
وقد أمست رهناً برفات الذاكرة
،
حيث ستفقد المعرفةُ زوّادةَ
السفر وهبةَ النار /
وبعد حين ستضيع سلسلةُ
مفاتيحنا ، وتتهشمُ العديدُ من البراهين
كالأكسجين والموسيقى وبصيرةِ الماء ،
أشياءٌ ناعمةٌ ورحيمةٌ
وضروريةٌ جداً لكي نستمرَ في كتابة رسائلنا
وهندسة خرائط عطرنا .
لكن عوضاً عن مديحِ الموت،
دعينا إكراماً للتفاؤل
نقترحُ قصيدةً جامحةً تخرجُ
من لدن رمادِها المبارك ،
لعلنا نتيحُ لأجنحةِ الحبرِ أن ترسمَ غيمةً حُبلى /
أو نطلق رماحَ وهمنا في أثرِ كلمةٍ ضائعة ،
ثم ننتظرُ دونما سأم أن تهطلَ
الألوانُ الطازجةُ من شرفةِ الشمس ،
و تنزف الموسيقى من الشفاهِ الحارةِ ،
أن يستيقظَ الأطفالُ كل صباحٍ
وقد تنكبوا حقائب بهجتهم .
لأن الشاعرَ مهما تقرحت رئةُ خيالِه
سيظلّ مقيماٍ في هذه الرؤيا أو تلك ،
يحفرُ في خزانةِ الروحِ وطناً صغيرا ،
باذخاً بالأمنيات المترعة بكرامةِ النور .
موتُ الشاعرِ يشيرُ إلى حياةٍ
أخرى يا (موني) ،
يشيرُ إليكِ يا سلطانةَ
فقيدِها وأنتِ أكثر ضراوةً وعنادا ،
تعتقين الدلالات الأصيلة ،
وتقطفين الصورَ النضرةَ من مجازِ عراجينها المرحة ..
تؤثثين فراغكِ اعترافاً بما يولد ،
وتهبين حبلكِ السريّ للمدينةِ ذاتها التي جوّعتك حقولُها ،
وما حصارك سوى عتقٍ إضافيّ لرئةِ المعنى
يا رفيقةَ سرّ وملكةَ غيب .
أنت قبرُ الشاعرِ ورحمُه ،
مهما تغضبين ستظلّ رحمتك تظلل تيهنا حتى نصحو ،
وقد صرنا الروح والجسد ..
لأنك الوحيدة سهام القصيدةِ وقوسها ،
أينما تنامين يستيقظ شعرُك مبلولاً ببخارِ الدلالاتِ الثريةِ ..
لا شيء يغيّبك عن مهرجان المستقبلِ ،
لأنك المستقبلُ ذاته ..
وما من ريحٍ تهزّك أيّتها الشجرةُ إلا مشيئتك حين ترقصين ،
مبتهجة لأمرٍ فيكِ ، لا في
الريحِ التي خديعة نفسها..
لأن الشعرَ يقطنُ جنّة الروحَ ، لا خرائب الجسد ..
وأنت حياةُ الشاعر ، لا موته
/
ونحن حين نهتف يحيا الشعر ،
إنما نمجّدُ الوطنَ العظيمَ الذي يُؤوي الوردةَ وتاريخَها .