____________ جنازة باذخة
حكايةُ من هذه السادرة في نهبها
القوافي دوائر ياقوت
وهي الجسد
فكيف أزيح الغبار
وأرفو اليقين شقيق الكذب
وصخبك يحجب الشمس
أيها المتنبي
كأنك الأبد
وما تبقّى زبد .
**
حكاية من هذه التائهة موشومة بالأجراس
تخسر السفر والمواعيد
والقمر الوحيد يؤبّد النظر
بقبضة مفتوحة على غدر الأمهات
واثقا أن البلاغة غربال الريح .
**
إذن سأنتظر القطار الكهل
وهو يطحن بصفيره زجاج العابنا
والكائنات البريئة تهتف عبر نوافذ
راكضة ترشق المسارب بالأحلام .
وان يكن وقفي بلا ظل وماء
ولا شيء الآن باسمي يسمّى
سيظل كل ذئب تاه في لغتي
كنز عواء .
**
لست شيئا
غير أني أرى الرمل يعتلي ظهر المشيئة
ويغتصب الجهات
وأرى الشوارع
حفلة صيد
أنا العديد في جسدي
ترتعد عناصرُ الجارات تحت أغطيتي
ويقرع الشتاءُ أبوابي
ولا أحد يأتي .
أنا البعيد في لغتي
حين بدأت الحرب أخطأتني حظوظ الصبايا
يقينا أني جربت الحمام
وطيّرت الرسائل والحدائق والقبل
لكنهم صنعوا الأسوار
وجلبوا البنادق والنياشين
وصور النساء الغمّازات
ونحن الصغار لم نشتر بعد
لوازم الرحيل إلى البلد
لكي نطوي الرمل الكفيف خلفنا .
حكاية من هذه الضالة
تبحث عن صبيّ ضيعته الأمّهات
جميعهُنّ حفرنَ وشمَه
أمّهات من سلالة القطط
تجمعهنّ فمٌ باذخة بالمواء
أمهات بلا أحد
سوى أن الحروب الصغيرة
تقود الخيال إلى مهب جامح
ولا أحد يأتي
**
ستعلو فوق صوتي قال الغراب :
أبواق النفير
ويحبسني لوني في العلو
بعيدا عن أبي أمحو جلالة الألم
وأضع فراخي
أنا الغرابُ المستجير
تقف الجيوشُ بأعلامها لداميةِ تحت أجنحتي
ويحتدم السعير
محتفلا بسمائي والقوانين التي يسهل خرقها
أحرس الولائم بأقفال لا يعبرها الضوء
متأهبا لإيقاظ المعادن
أخطف النساء من معاقل النثر
وأطيرْ
**
لماذا أيها الحفاة تتبعون سنّة الوهم
تحزمون الصحراء الشائخة تحت ظلالكم الجريحة
صوب المحطات البعيدة
وتنتظرون هبة الحواس
وهي تصعد الوسائد
التي يفلت ريش أحلامها عبر الشرفات
ليهب الحبّ للتائهين
والنوافير قبعات تهطل بالألوان
والعشاق دوائر يسيجون مهابة النظر
ويحيطون اللغات
بصمت اللغات .
**
حكاية من هذه الدائخة بتواريخها الخاسرة
والجندي التائه ، تائها يقطّر بلاغته
النازفة
- أعطوني اللغةَ السمراءَ الهابطة بالغنائم
يحرسها الإعجازُ الأصيل
أعطوني صفة الضوء وكلام الرسل
لأحلّق بفخامة
غير ملتفت لقميصي
وقد فخّخته النجوم
ساعتق السفنَ وأخلط الأسماء والعناوين
ليتوه الخلقُ في معرفة المفاتيح والساعات
وأشكال الكواكب
والخيول .
دعوني أسمّي الوطن الثقيل طفلا قتيلا
يجاور التيه ، واسمّي الأحلام بنوافذها
المأهولة بالغرقى
أعطوني الذئبة شقيقة اللعب
معلّمتي الضحك ونحن نعبر الغايات ملتبسة
بظلال الأمهات والأبناء
الملدوغين بهزائم النظر
واعدين المستحيل بجنازة باذخة
أعطوني الأميرة حامية المباهج
التي قصائدي حصانها إلى طروادة الروح
وبلاغة الجسد
وان يكن وقفي بلا ظل وماء
ولا شيء الآن باسمي يسمّى
سيظلّ كلّ ذئب تاه في لغتي
كنزَ عواء .
______
الرملة 29 يناير 1999